من أجواء الإرهاب إلى مناخات الوباء
نجح الارهاب في خلخلة اوتاد النظام العربي عندما اجتاح اجواءه على مراحل متوالية بدات بالتغيير الناعم مرورا بالتغيير الفظ وانتهت بالاحتواء الاقليمي في ظلال مناخات الوباء، التي اوقفت حركة التواصل المباشر واشعلت حركة الاتصال المرئي وحدت من حركة التواصل الوجاهي ورفعت من سوية التواصل الافتراضي التي يتم السيطرة عليا ضمن منظومة العمل السيبراني في الانتقال والنقل والتنقل.
واذا كانت معطيات اجواء الارهاب جاءت فكرية ووجاهية ومكافحتها كانت استخبارية وعسكرية فان ظروف مكافحة الوباء بحاجة الى الاسراع في تشكيل مديرية لمكافحة الوباء ( الجيش الابيض ) يتم وضع استراتيجية عملها بشكل عام لتقوم على تنفيذ خطة عمل لمكافحة كوفيد 19 بشكل خاص بحيث تشكل هذه المديرية المرجعية في العمل من خلال هيكلية ادارية تضمن في اتونها الجانب الصحي والمخبري واللوجستي والتخططي اضافة للامن الغذائي والتقني والاعلامي التوجيهي والجهاز الاستقصائي، هذا اضافة الى تحديد الوصف الوظيفي الخاص، حتي تتم عملية مأسسة لادارة العملية وتتعامل مع كل الاوبئة بشكل عام بطريقة مهنية وجهوزية عالية، فان إدارة العملية والانتقال بها من منزلة الى اخرى قد بينت خللا في الترتيب والادارة.
هذا لان متطلبات الحجر المنزلي والاغلاق المناطقي بحاجة الى ادوات وسياسات مغايرة عن تلك التي تدخل في اطار مناعة القطيع او مناعة الجموع، لذا كان الاستمرار في عملية العينات العشوائية في ظل مناعة القطيع يعتبر هدرا، كما وان الدخول الى منزلة مناعة القطيع دون تحضير مسبق يشكل خطرا لدرجة كبيرة في ظل عدم الجهوزية الصحية وعدم وجود مستشفيات وبائية ووصول نتائج الاصابات الى معدلات كبير وصلت الى 15 ٪ من العينات، وهذا يعني ان ادارة الملف الصحي بحاجة الى اعادة صياغة بالادوات والسياسات.
وفي ظل تصاعد مستوى الاصابات لدرجة كبيرة نسبيا ويتوقع ان تصل الى مستويات تقدر باكثر من خمسة الاف اصابة يوميا قبل الوصول للذروة فان عملية الاستدراك باتت واجبة في ظل عدم قدرة المستشفيات على استقبال المصابين بسبب عدم الجهوزية، فان هذا الملف برمته بحاجة الى اهتمام عن اية ملفات اخرى، وفي ظل عدم توفير الجهوزية المطلوبة فان العودة لمنظومة الحجر والاغلاق باتت مطلبا إن لم تشكل اشتراطا، حتى يتم تجهيز ما كان يجب تجهيزه سابقا اثناء فترة الحجز المنزلي والعزل المناطقي من مستشفيات وبائية.
لقد نجحت الدولة الاردنية في حربها ضد الارهاب واثبتت قدرتها على تخطي ظروف دقيقة وصعبة وستنجح الدولة الاردنية ان شاء الله، في تخطي مناخات الوباء والانتقال بالمجتمع الاردني الى منزلة الحركة الاعتيادية على الرغم من نجاح الدولة في البداية بالسيطرة على الوباء والحد من انتشاره لكن الانتقال الى المنزلة الاعتيادية والتعايش بحاجة الى حسابات واحتسابات اخرى، وهذا ما نعول عليه من واسع ثقتنا في مقدرة المنظومة الادارية على تخطي العقبات والتحديات التي تواجة إعادة صياغتها وتوفير الدعم اللازم لها، واذا كان المشهد الانتخابي قد نجح في التغطية على بعض الجوانب، فان الامل يحدونا في الاستدراك.