من لاهاي إلى جدة.. إرهاب بأصابع إخوانية
عواصم-الكاشف نيوز:خلال الأيام القليلة الماضية وقعت سلسلة من الأحداث لا تترابط مكانياً أو جغرافياً لكنها وبلا شك تتشابك عقائدياً وإيدلوجياً. استهداف السفارة الفرنسية في السعودية وتفجير مفخخة في مقبرة لغير المسلمين في جدة، أعقبها وعيد صريح من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالقصاص والضرب بيد من حديد لمن يستهدف أمن السعودية وتصنيف هيئة كبار علماء المسلمين تنظيم الإخوان تنظيماً إرهابياً.
تبنت تنظيمات "الإسلام السياسي" على اختلافها ومنذ تكوينها أفكاراً عقائدية متشابهة، لكن هذه الأفكار وتناسقها كمنظومة واحدة يعتبر "دليل إدانة" قاطعاً على جرائمها، في أوروبا مثلاً على مدى أكثر من 4 عقود شوهت هذه التنظيمات نظرة الأوروبيين إلى الإسلام من دين يقدس في جوهره قيم التسامح والتعايش، إلى عقيدة يقترن ذكر منتسبيها بالتطرف والإرهاب لدى طيف واسع من المواطنين الأوروبيين كما بعض السياسيين.
تحرش إرهابي
التحرش الإرهابي للتنظيمات بالسعودية لا يأتي من فراغ وتعلم هذه التنظيمات على اختلاف مسمياتها من القاعدة إلى إلإخوان الثقل الذي تمثله السعودية عربياً وإقليمياً وعالمياً بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها الدينية أيضاً.
وأعلنت الشرطة الهولندية عن إطلاق عدة رصاصات، الخميس، على السفارة السعودية في لاهاي من دون وقوع إصابات، موضحة أنها فتحت تحقيقاً لمعرفة الجناة وتحديد طبيعة العملية وجاء الحادث الجبان غداة هجوم بعبوة ناسفة في مقبرة لغير المسلمين في جدة غرب المملكة. تبنى تنفيذه تنظيم داعش الإرهابي، في بيان نشرته، حسابات جهادية على تطبيق تلغرام.
وأشارت صحيفة "العرب" إلى أنه سبقت العمليتين محاولة طعن تعرّض لها حارس أمن بقنصلية فرنسا وجاء ذلك كله في أجواء مشحونة بالجدل والمزايدات التي ثارت بسبب نشر رسوم مسيئة للرسول في فرنسا، ومقتل فرنسيين في عمليات إرهابية وقف خلفها إسلاميون متشدّدون، وكلها أحداث وإن كانت منفصلة جغرافياً إلا أنها تتداخل وتتشابك فكرياً حتى بطريقة تعامل تنظيمات الإسلام السياسي معها.
وتميز الموقف السعودي من تلك الأحداث بالاعتدال وعدم الانسياق وراء التصعيد الإعلامي والتحريض الديني والدولي، حيث أدانت المملكة الإساءة إلى الرسول ورفضت في المقابل اعتماد العنف والإرهاب وسيلة للردّ على تلك الاساءة.
أفعال
باشرت المملكة مع تسارع الأحداث لاتخاذ بعض الإجراءات كان أبرزها تأكيد مبدأ الوسطية والاعتدال تماماً في كل ما يصدر عن الجهات الرسمية والشعبية من أفعال وحتى أقوال ومع تنامي العنف الذي حاولت معه التنظيمات الإرهابية استغلال الأراضي السعودية لتنفيذ أجنداتها، صنفت هيئة كبار العلماء في السعودية تنظيم الإخوان إرهابيّاً وأنه (التنظيم الإخواني) لا يمثل منهج الإسلام وحذّرت من أجندته في بيان وصف بـ "شديد اللهجة" ضد جماعة الإخوان التي اعتبرتها "جماعة منحرفة" خرجت من رحمها جماعات إرهابية متطرفة عاثت في الأرض الفساد.
وقال مراقبون إن "بيان هيئة كبار العلماء السعودية فيه رسالة واضحة إلى أوروبا مفادها أن جماعة الإخوان لا تمثل الإسلام"، وأن خطرها على الإسلام هو نفسه الخطر الذي يتهدد أوروبا من وراء احتضانها الجماعة لعقود وفتح الأبواب أمام سيطرتها على مساجد الجالية المسلمة ومراكزها الدينية وأنشطتها الخيرية.
وبدأت أوروبياً تتضح معالم حملة لاستهداف مفاصل التنظيم الإخواني في أوروبا وتفكيك أجنداته، وسط استفاقة في عدد من الدول الأوروبية بشأن الخطر الإستراتيجي الذي تمثله الجماعة من خلال استقطاب الشباب وشحنهم بأفكار تحض على مقاطعة المجتمع الغربي وبناء مجتمع إسلامي منعزل يكره الآخرين ويحرض على استهدافهم واستهداف قيمهم وهو ما لا يمثل الإسلام في شيء.
يد من حديد
تعهّد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الخميس بــ"الضرب بيد من حديد" ضد المتطرفين في المملكة في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الحكومية "واس" قائلاً: "عملنا اليوم أصبح استباقياً، وسنستمر في الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا"، مضيفاً "لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة العربية السعودية".
ودعا ولي العهد السعودي إلى أن "يتوقف العالم عن ازدراء الأديان ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية تحت شعار حرية التعبير لأن ذلك سيخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب".
وقال: "أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب وتؤكد على أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح، كما أن الإسلام يُجرم هذه العمليات الإرهابية ويُحرم إراقة الدماء ويمنع الغدر بالآمنين وقتلهم بدون وجه حق". متوعداً "كل من تسول له نفسه القيام بعمل إرهابي واستغلال خطابات الكراهية بعقاب رادع ومؤلم وشديد للغاية".
مع كل ما ذكر لا يوجد مجال للشك أن تنظيم الإخوان المصنف إرهابياً انحرف عن مسار الحق والصواب وأغفل المصالح العليا للأمة واعتمدت على تكتيكات سياسية تحولت من كارثيتها إلى أخطاء استراتيجية، منها التحالف والتآمر على الدول العربية والإسلامية لتنظم بذلك جماعة الإخوان إلى إخوته من الجماعات المارقة في التاريخ الإسلامي مثل الخوارج والقرامطة والحشاشين التي تلوثت بعار الخيانة والخروج عن الجماعة والانحراف عن الدين.