من غرائب ومتناقضات السياسة الاسرائيلية، “بعد هذا العمر” المتأخر من القضية الفلسطينية أنها تحاول مواصلة سياستها المتطرفة وعدم الاعتراف بالفلسطينيين كأصحاب أرض وقع عليهم ظلم وسرقة وطن كامل ، لم يشاهده التاريخ من قبل..فبدل أن يكون الصلح الذي تم مؤخرا بين “ الفلسطينيين “، مصدر راحة نفسية على الأقل وبادرة لإزالة الحقد والعنصرية والتطرف، لإسرائيل للتعامل مع القضية الفلسطينية، نراهم يزعقون كالغراب، وينهقون، كي يبقوا الخلاف بين حماس ومنظمة التحرير مستمرة ولكي يضعوا سبب فشل المفاوضات على الفلسطينيين المختلفين الذين “لا يلبق” أن يكون لهم وطن!
لم نفاجأ من ردود فعل أمريكا وإسرائيل حول الصلح الفلسطيني الذي أسعدنا - ولو بحذر – لكي نرى ماذا بعد. أمريكا التي تدعي أنها تقوم بحروبها في العالم، من “أجل ديمقراطية وتقارب وتصالح الشعوب والحكومات والناس من القاعدة للقمة،” نراها تبدع في إيجاد مبررات لرفضها المصالحة الفلسطينية. وتبدع باللؤم والخداع علها تقنع العالم أنها كانت ولا زالت تبحث عن السلام وحلول للقضية والغيرة على توقف المفاوضات ورغبته بسلم دائم.
ظل نتنياهو وأمريكا أيضا يتشدقون بأن الخلاف الفلسطيني حماس والمنظمة عقبة أمام الحلول، ولم يكن هذا مقنعا بالنسبة لنا لأننا نعرف خداعات إسرائيل المتواصلة،عدم أمانتها بتنفيذ وقف الاستيطان أو الافراج عن الأسرى أو بناء الجدران أو هدم البيوت أو تفريغ الأرض من أهلها، أو تفريغ القدس بشكل خاص من سكانها وتطفيش المسيحيين الفلسطينيين، وعد ما تعرفه عن الممارسات الاستعمارية الاسرائيلية.
اليوم وقد” تصالحت حماس والمنظمة “، وهناك وعود بالتئام الشمل الحقيقي لكل الفصائل وانضمام حماس للمنظمة، نأمل أن يكون هناك جدية بالموضوع وكما يراه الفلسطينيون مناسبا لحل القضية بشكل يرضي الشعب الفلسطيني المشرد في بقاع العالم وليس مزاج شخص أو مجموعة. ولا نقول أن هذه المبادرة التصالحية، لن يكون امامها بعض العقبات، ولكن الأمل بأن يظل مفهوم “المصالحة أو التصالح أو الصلح الفلسطيني “ قائمة على أسس الوحدة الوطنية الضرورية للحل ولحركة وطنية سليمة تأخذ الفلسطينيين الى المستقبل واقامة الدولة الفلسطينية الحرة.
إسرائيل كما نعرف ويعرف العالم تتفرج، وتحاول الخداع والعمل على خلق انفصالات فلسطينية وشروخ في المفاهيم، وبخاصة وهي تتبع سياسة الاستعمار القديم التقليدي سياسة “ فرّق تسد “. ولعل حماس بعد سنين من “ التجربة الانفصالية “ وكذلك منظمة التحرير تقتنعان أن ليس هناك من جديد لدى اسرائيل بشكل عام و نتنياهو بشكل خاص أية سياسات للحل، بل إنهم يعملون ويفكرون كيف يطيلون بقاء القضية معقدة وليس لها حلول الا كما يريدون،
“ الاعتراف بالدولة اليهودية” التي تعني تصفية القضية للأبد. هذا ينبغي أن لا نبدأ بالتنازل عن مواقف أو أقوال تؤكد الاصرار على الحق الفلسطينيى المعذب والذي وقع عليه الظلم الذي يعتبر “هولوكوست فلسطيني”. بعد المصالحة، فالشعب الفلسطيني يجب أن يكون موحدا أمام عدو” يحاول “ التلاعب بفلسطين والمنطقة والعالم كما يريد. بضعة أيام وتنتهي التسع شهور للمفاوضات ؟ ولنر كيف سيكون المولود الجديد ، صحيا أم مشوها ؟ ونرى ما الجديد وما العمل ؟ فهل نصمد ونجرب التصالح الذي وافق عليه الجميع وأسعد الجميع؟.