في المعلومات أن لدى عمان الرسمية طلبين قديمين من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية لتسليم شخصين فلسطينيين على خلفية قضايا فساد، وقد أحالت عمان هذين الطلبين الى الجهات المختصة للافتاء بشأنهما.
وسط هذه الملفات، تتوقع عمان الرسمية طلبات جديدة على الطريق، اذ ان هناك تنسيقا مرتفع المستوى بين هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، وهيئة مكافحة الفساد في الاردن، والجوار الجغرافي والاجتماعي، واعتبارات اخرى، تجعل التنسيق بشأن الفساد أمرا حيويا، لابد منه، ولابد من مواجهة استحقاقاته.
وفقا لتصريحات «رفيق النتشة» رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية الأخيرة في مؤتمره الصحفي الاخير في رام الله فإن سلطة رام الله تنوي المطالبة بتسليم فاسدين فلسطينيين فارين يعيشون في الأردن وبريطانيا ودول اخرى.
هذا الكلام جاء بعد أيام من اعتماد الأمم المتحدة لطلب فلسطين للانضمام لاتفاقية مكافحة الفساد، وهو كلام مهم لكنه لا يحدِّد بالاسم من هو المقصود من هكذا تصريحات خطيرة، تأتي لتكشف عن وجود فساد مالي، بين أسماء مهمة على ما يفترض؟!.
الشعب الفلسطيني ضحى بالشهداء والجرحى والأسرى، و واجه على مدى ستين عاما كل اشكال التنكيل والحصار والتشريد، ومثل أيِّ شعب فيه «المجاهد والجاحد»، والفساد هنا خطيئة الفاسد الذي قبل أن يشرب دم شعب تحت الاحتلال.
تأسف بشدة اذ تسمع عن ثروات بعض الذين انتموا للثورة الفلسطينية، وبعضهم له أملاك بملايين الدنانير في الأردن وغير الأردن، ولا تعرف من أين جاءوا بها اساسا، خاصة أن الثورة ليست بئرا نفطية في نهاية المطاف؟!
لا تعرف ما هو ردُّ الأردن الرسمي على هكذا تصريحات، خاصة أنها تأتي في ظل صراعات سياسية بين رموز واجنحة في السلطة الوطنية الفلسطينية، وقضايا الفساد قابلة للانتاج والتوظيف احيانا على خلفيات سياسية!.
بهذا المعنى فإن الكلام عن المطلوبين على خلفيات قضايا فساد قد يأتي انتقائيا وموسميا، وقد يصب لصالح التصفيات السياسية.
السلطة كانت تعرف طوال سنوات، ماذا يفعل هذا الرفيق أو ذاك، ولم يتم فتح ملفاتهم، وأغلب هؤلاء كانوا تحت يد السلطة مباشرة، ولم ينفجر الحديث عن أسماء جديدة إلا في ظل تطاحن سياسي معروف للجميع!.
العواصم الدولية المانحة والمنظمات التي تُعنى بالشفافية في العالم، كانت قد أخذت على حكومة رام الله في فترات سابقة، أنها تعاني من انعدام الشفافية، وللأمانة فمنذ عهد «سلام فياض» حتى الآن، فقد تحسَّن مستوى الشفافية كثيرا ، إلا أن الفساد كان قد تحقق عبر طريقتين.
أولهما عبر بعض رموز التنظيمات الذين استطاعوا تكديس الثروات من خلال المتاجرة بالثورة الفلسطينية، وفي الحالة الثانية عبر الشراكات المستترة في العطاءات والمشاريع المختلفة، وفي الحالين لم يخل هذا التاريخ من مخالفات مؤسفة ومخزية، لا تليق بحال شعب تحت الاحتلال، ولا يكون جزاء صبره أن يتم التكسب على ظهره رغم كل هذه المحن.
هي مصيبة تلحق بكل الثورات في التاريخ، فالفقراء يضحون بدمائهم، والنخب تحصد هذا الدم، سلطة ومالا ونفوذا، وعلى هذا لا يمكن سحب الفساد هنا على شعب بأكمله، فيما بعض المتاجرين باسمه، وجدوا الوقت لدفن الشهداء مرتين فوق دفنهم الاساس، وجمع المال بطرق مختلفة، دون ان يرف لهم جفن ابدا.
على حكومة رام الله أن تمتلك الجرأة ليس لطلب اسماء محددة متهمة بالفساد فقط، ولكن أن تقر السؤال الذي يقول..»من أين لك هذا» وهو سؤال مهم، لن يجد كثيرون جوابا مقنعا لتقديمه للجمهور، وهذا السؤال هو المنطقي، بدلا من انتظار الفاسد ليقع في شر أعماله أو ترقب دليل يتنزل دون سابق موعد على فساده.
هل شربت رام الله حليب السباع حقا؟.