شاركتُ مؤخرا بإدارة ندوة في جمعية عيبال الخيرية بعنوان «التداعيات الاقليمية والعربيه واثرها على الأردن «.. حيث تحدث فيها الصحفي والمحلل السياسي الأستاذ عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية..
فالمعطيات الإقليمية والعربية وحتى الدولية بتقلباتها السريعة والحثيثة تجعلنا نمر بمرحلة دقيقة للغاية تتطلب توخي الدقة والموضوعية في القراءة ما بين السطور ، لأنه ليس كل ما يقال يُعُلن ، وليس كل ما يُعلن يتم العمل به ، فهالك دوما حلقة مفقودة قصدا او سهوا ، إن لم تكن حلقات متعددة مفقودة مما يخلق ثغرات في سلسلة التكهنات ، فتجعلنا دوما معسكرين في حالة من الضعف وقلة الحيلة والشعور بالتقصير اثناء سعينا الدائم للوصول للحل المنشود.. و قبل وقوع الفأس بالراس.. وما اكثر ما تقع الفأس بالرأس !
ويا لخوفنا من تكاثر اعداد الفئات التي لا تتقن اي فكر أو أي عمل سوى قطع الرؤوس وبقر البطون كحل امثل لأوضاعنا العربية والاقليمية المتراجعة..
فاي مستقبل ينتظر شعوبنا العربيه والإسلامية ، والكثيرون يتبنون شعارا كهذا: نجاهد بالشام.. وعيوننا على القدس!
اية مهزلة هذه ؟ لماذا لا تجاهدون بالقدس وعيونكم على الشام ؟ فهذا النظر الأحْول لا يصدر إلا عن منطق أعوج.. وكيف السبيل لتقويمه !
للأسف نعيش حاليا في عالمنا العربي فيما يسمى بالنكبة الثالثة مما يجعلنا نتحسر على ايام النكبة الأولى والثانية ،مقارنة بالثالثة الحالية ، وكيف لا ؟
والمنطقة العربية تترصد بها مشاريع عدة ، فهنالك المشروع الإيراني والمشروع التركي والمشروع الإسرائيلي، والغائب الوحيد هو المشروع العربي! فالعرب الأشاوس هم الموضوع الذي يُناقش على الطاولة.. ولكنهم غائبون عنها..وهذا هو المضحك المبكي !فهم دوما متفرقون يفشلون في العمل معا كفريق واحد بسبب غياب «الوعي الجمعي العربي».. وهذه الثغرة التي عبرمن خلالها المخططون واللاعبون الحقيقيون المستترون ، قالبين «الربيع» ألى «جحيم «ّ.. مما يجعل السلام يترنح على كف عفريت بالمنطقة فهنالك 1- صراع بين الشعوب نفسها ، و2- صراع بين الأنظمة والشعوب و 3- صراع على المنطقة نفسها..
فيكفي الأردن قضية فلسطين الواقعة بين الانقسام الفلسطيني الغارق بالحقد المكبوت ، و غياب الدور العربي في ظل تعنت اسرائيلي رافض لسلام عادل ، ناهيك عن وضع العراق غير المستقر ، وسوريا وتداعيات اللجوء ، وحال الشقيقة مصر وتوقف الغاز المصري عن الأردن ، ناهيك عن « معكرونة» التحالفات العربية والإقليمية وحتى العالمية والتي تجعل الأردن يفضل البقاء في المنطقة الحيادية وعلى مسافة متساوية من جميع الفرقاء.. وهو الواعي ل « لخبيططة « المشهَد بملخصها: ايران مع بشار الأسد ، دول الخليج ضد بشار ، واما بشار فهو ضد الإخوان ، في حين ان الإخوان ضد السيسي ، بينما دول الخليج مع السيسي.. يعني ضد الإخوان ، قطر مع الإخوان ومع حماس ، ايران مع حماس ، حماس مع الإخوان ، امريكا مع الاخوان ، حماس ضد امريكا ، دول الخليج مع امريكا ، وامريكا ضد القاعدة ، والقاعدة ضد بشار ، ودول الخليج مع القاعدة بسوريا ، وتركيا مع داعش بسوريا..... ناهيك عن ايران وحزب الله.. وما يجري في مصر ضد الاخوان المسلمين,، وفي تركيا هنالك صراعان.. صراع اردوغان مع حزب «الخدمة»....... وصراع الإسلام مع الشيوعية ، قد اثبتت انتخابات البلدية بتركيا على ان «الإسلام السياسي» هو الذي فاز..
قدر الأردن ان يمضي في حقل الغام ومع ذلك اخترق حاجز النار بالأناة و الصبر المتمثلة بشخصية قائده الملك عبدالله الثاني حيث سجلت الزيارات الملكية نجاحا مطردا في الملف السياسي والاقتصادي الانساني..
ولعل تاكيد الاستاذ عريب الرنتاوي على اهمية الإصلاح الاقتصادي في ظل توجه عالمي يصر على ابقاء الاردن بدائرة العوز والحاجة الاقتصادية لرغبة في» نفْس يعقوب « للضغط على الأردن.. وقد يكون الاقتصاد «بوابة القلاقل».. بوجود تيار سلفي مسكوت عنه..
وأضيف من جانبي بأن الإصلاح السياسي والاقتصادي لا بد وان يسيرا جنبا إلى جنب.. بخاصة أن التنمية الاقتصادية تُعرف على انها اكتساب الحقوق الاقتصادية والسياسية والمدنية لجميع المواطنين رجالا و نساء.. وذلك من اجل الارتقاء بالمستوى المعيشي من مسكن ومشرب وكساء وتعليم اساسي ومهني إضافة للصحةالجيدة ، من اجل اتاحة العمل للمواطن ممن يملك من القدرات المهنية والحالة الصحية التي تؤهله لعمل منتِتج وكسب حلال يخرجه من ضائقة الفقر ويساهم في زيادة الانتاج القومي..وهذا محكوم بالتشريعات والقوانين التي تضمن النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد
فما احوجنا إلى عدم الاعتماد على النوايا الطيبة والرهان عليها عير حلول آنية ، ولهذا لا بد من
1-اعادة توجيه البوصلة نحو الاصلاح
2- تحديد الهدف
3- المضي في تاسيس الاصلاح وليس فقط»الترقيع»
فكفانا حلول الفزعات بمسكّناتها المؤقتة التي لا تضمن تحسنا او شفاء!