لدى ربات البيوت الروسيات حيلة عظيمة للتقليل من حوادث تكسر كؤوس الشاي الزجاجية (الإستكانات) في برد الشتاء، كما يحدث لدينا في هذا الموسم ايضا. فهي تتعرض للكسر المباشر والتشقق السريع، بعد أن يصب فيها الشاي الساخن، لأنها لا تتحمل ذلك التمدد المفاجئ بالحرارة ولا تستوعبه.
وكتكتيك ذكي تعمد الروسيات إلى وضع معلقة معدنية صغيرة في كل كأس عند صب الشاي، وتكون المعلقة مصنوعة من الحديد أو النحاس أو الفضة، أو الذهب أحياناً، فهذه المعلقة تعمل كمصدات وقائية، تمتص بسرعة كبيرة حرارة الشاي العالية، وتقلل من سخونته، فتحمي بذلك الكأس من التمدد المفاجئ، وتقيه كسرا حتمياً.
تختلف الملاعق المستخدمة في امتصاص الحرارة، تبعاً لمادة التي صنعت منها. فملاعق الحديد قد تفي بالغرض، لكنها ليست كملاعق الفضة الجيدة في امتصاص هذه الحرارة، ولكنها أيضاً ليست كملاعق الذهب الذي يبقى هو الأكثر موصلية، وباستطاعته كبح جماح الشاي المصبوب، وامتصاص حررته مهما كانت عالية.
بيوتنا وحالنا في زمن الكورونا ليست إلا كؤوساً ينصب فيها شلال هذه الأزمة الحارقة، ولهذا ستلاقي تكسراً سريعاً وستصبح بعد صبة أو صبتين هشيما تلمه المكانس. فهل من مصدات حقيقية تقينا هذا الغليان المسكوب فوق الرؤوس؟
لا نريد أحداً ينصحنا أن نكون كوؤساً خشبية أو ابلاستيكية أو فخارية لا نتأثر بتبعيات الازمة التي تشتد على أصحاب الدخل المحدود، ولكننا نحتاج إلى ملاعق، أقصد مصدات وقائية، علها تقينا هذه الحرائق المسكوبة فينا، وإلا سنغدو هشيما تجمعه المكانس وتلتقمه أفواه الحاويات.
ندرك أن البيوت التي تحرك شايها بملاعق الذهب أو الفضة تستطيع أن تمتص أزمة كورونا الحارقة وتبعياتها، ولربما ستنجو من التكسر تحت حرارتها الزاخرة، ولكن بيوتا أكثر وأكثر لا يملأ كأسها إلا الهواء، ولهذا ستتكسر كزجاج محرور.
المحزن أن كل أحزمة الأمان الاجتماعي التي أقرت ما هي إلا هواء لا يقي من تصادمات هذه الأزمة، أو ليست إلا ملاعق خشبية يتلهى بها الناس، لكنها لا تمتص شيئا في لهيب وجعنا.
لا نريد معالجات سطحية على طريقة (الفزعة) التي تعالج العرض، ولا تقرب من المرض، ما نريده الآن أن يكون لكل كأس ملعقة تمتص حرارة الكورونا المنهالة عليه؛ كي نحمي الرؤوس من هذا التكسر القادم.