وزير الخارجية الفرنسي لودريان شبّه الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان بغرق السفينة العملاقة (تايتنك) لكن من دون موسيقى الأوركسترا, وقد يتساءل البعض هنا, هل غياب موسيقى الأوركسترا عن هذا الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان أو ما يسمى بلبنان كان مقصوداً؟ وهل أعصاب اللبنانيين اليوم هادئة لدرجة التسليم بقضاء وقدر هذا الانهيار غير المسبوق ومن ثم الاستغناء عن موسيقى الأوركسترا؟
وزير الخارجية الفرنسي لودريان كأنه يذكّر الأمة العربية بشكل عام واللبنانيين بشكل خاص يذكّر بتفاصيل قصة غرق السفينة العملاقة (تايتنك), فبالرغم من كون سفينة التايتنك من أكبر السفن وأضخمها تجهيزا في العالم, إلا انها غرقت عبر مياه المحيط الأطلسي بعد أن اصطدمت بجبل جليدي ضخم حاملةً على متنها ما يقارب3500 راكب لاقى معظمهم حتفه أثناء الغرق, والغريب العجيب هنا أن عازفوا أوركسترا تايتنك والذين كانوا على متنها استمروا في العزف أثناء غرقها، حتى غرقت السفينة بالكامل في محاولة منهم مساعدة الركاب على ضبط النفس والهدوء والطمأنينة وراحة الأعصاب وسط الهلاك الوشيك الذي أودى بحياة جميع اعضاء طاقمها ومعظم الركاب وجميع العازفين في نهاية الأمر.
المشكلة تكمن في أن العازفون في أمتنا العربية ما زالوا يعزفوا على أوجاع الأمة وعلى احتضارها.., فمنهم من يعزف على قانون الأمة..الصف الاول, ومنهم من يعزف على دف الأمة..الصف الثاني, ومنهم من يعزف على عود الأمة..الصف الثالث, ومنهم من يعزف على قيثار الأمة..الصف الرابع, وأخرون في الصفوف الخلفية يضربوا على طبل الأمة, وما أدراكم ما طبل الامة, طبل الأمة (لا يفهم ماذا يقرأ, ويكتب ما لا يفهم).
الأمة معنية هنا بسفينة نوح عليه السلام, وعلى الأمة أن تعي جيداً أن صناعة سفينة نوح عليه السلام بدأت بزراعة الشجر, ثم مرت بقطع خشب هذا الشجر ونجارته وأخيرا انتهت بصناعة السفينة, وكل ذلك فيه رسائل للعمل وللجد والاجتهاد من اجل النجاة من الطوفان.., سفينة نوح عليه السلام لم يوضع على متنها عزّيفة لموسيقى الأوركسترا كعزّيفة الاقتصاد والسياسة والدين في هذه الايام, ويمكن للأمة هنا أن تتعلم من سفينة نوح عليه السلام كيف تغرس القيم والاخلاق الحميدة في نفوس اجيالنا القادمة, ويمكن للأمة أيضا أن تتعلم من سفينة نوح عليه السلام أن لا تمييز بين خلق الله من البشر ومخلوقاته الاخرى, من اجل ضمان بقاء هوية الأمة, وخلاف ذلك فلتنتظر الأمة بدء الطوفان..
وبعد, هناك أكثر من تايتنك لدى الأمة العربية, والمصيبة الكبرى هي غرق مثل هذه التايتنك اليوم بالتزامن مع عزّيفة موسيقى الأوركسترا بطابعها العربي, فتايتنك فلسطين تغرق اليوم مع تزامن عزف أذيال كل من أمريكا وإيران المنزرعين في فلسطين, وتايتنك الأحزاب الدينية تغرق اليوم مع تزامن وتزاحم عزّيفة تنازع الرؤوس على السلطة, وتايتنك جامعة الدول العربية تغرق اليوم مع تزامن عزف ايقاع مكان انعقادها,..نعم طالما أن هناك عزّيفة لسفن تايتنك السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية للأمة العربية جمعاء فستغرق تلك السفن بمن فيها مع أول جبل جليدي يواجهها.