شكا لي أحدهم: هل تقبل بأجر دون الحد الأدنى للأجور المعتمد في المملكة..؟! وقالت لي إحداهن وهي تعمل على نظام المياومة في مؤسسة رسمية: هل تقبل أن أعود لعملي بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إنجابي، وأن تُحسم أيام انقطاعي خلال هذه الفترة من راتبي وأحرم من إجازة الأمومة المنصوص عليها في قانون العمل..؟! وقال آخر: إن ابني يعمل على نظام المكافأة الشهرية في وزارة رسمية، ويشترط العقد المبرم معه على عدم أحقيّته بالشمول بالضمان الاجتماعي أو التأمين الصحي، فهل هذا يرضيك..؟!
وقالت لي معلمة: نحن نعمل خمسة أيام في الأسبوع براتب شهري لا يتجاوز المائة دينار، ودون أي حقوق عمالية أخرى على الإطلاق..فهل هذه عدالة..!!؟ وسألتني إحدى الشابات وتم تعيينها منذ سنتين في إحدى الجامعات الرسمية تحت ما يسمى بعقود شراء الخدمات: لماذا تحرمني الجامعة من حقي في الاشتراك بالضمان الاجتماعي..؟! أليس هذا ظلماً..!!
أما إحدى السيدات وتعمل معلّمة في مدرسة خاصة، ففاضت دموعها وهي تشكو من عقد عمل في الظل أُرغمت على توقيعه ويقضي بإنهاء خدماتها أثناء فترة إجازة الصيف، ليتم إعادتها إلى العمل بعقد جديد بعد ذلك، وأخرى كادت تنفجر وهي تعبّر عن ألمها بسبب إنهاء خدماتها من المدرسة خلال إجازة ما بين الفصلين الدراسيين، وبعد انتهاء الموسم الدراسي.. كل ذلك، تهرباً من دفع أجورها خلال فترة الإجازة المدرسية.. فهل هذا يرضي أحداً..!؟ وكم من مرّة تلقيت شكاوى من عشرات العاملين ممّن يتقاضون رواتب معينة، ويتم شمولهم بالضمان الاجتماعي على أقل منها بكثير، والسبب أن بعض أصحاب العمل الجشعين يريدون أن يوفّروا على أنفسهم جزءاً من كلف الاشتراك، وهو ما يؤثّر حاضراً ومستقبلاً على حقوق ومنافع هؤلاء من الضمان.. أليس هذا تحايلاً على القوانين وافتئاتاً على الحقوق..!؟ والأدهى والأشد ألماً: تساءلت إحداهن وتعمل آذنة في أحد مراكز محو أمية: أي دولة تقبل أن تعطي أجراً قيمته عشرة دنانير شهرياً لعاملة تعمل من ثلاثة إلى خمسة أيام في الأسبوع، أليس ذلك أمراً مخجلاً..!!؟ وفي قصص أخرى كثيرة، يتم إنهاء خدمات سكرتيرة في عيادة خاصة، لأنها طالبت بإشراكها بالضمان الاجتماعي لكي تُؤمّن مستقبلها، وهو حق أصيل من حقوقها العمالية..!!
وهنالك الكثير من الافتئاتات على حقوق الضعفاء من أبناء الطبقة العاملة.. لهم الله..!
لا يقول أحد إن التشريعات الأردنية ناقصة، فهذا ليس صحيحاً على إطلاقه،،فهي زاخرة بالعديد من الحقوق والمزايا التي حرص المشرّع على إدراجها ضمن تشريعات ملزمة تصون كرامة الإنسان العامل وتحافظ على مكانته في المجتمع، وتوفر له الحياة الكريمة والمعيشة اللائقة و بيئة العمل المناسبة، لكي يعمل ويُنتج بكفاءة، إلاّ أن المشكلة تبرز في أن بعض المسؤولين في القطاعين العام والخاص يصرّون على الافتئات على حق العامل الضعيف والاستقواء عليه تحت مسمّيات كثيرة، وفي كثير من الأحيان يتم هضم حقوقه بصورة خارجة على القانون والعرف والخلق والإنسانية، مما تترك آثاراً سلبية كبيرة على العامل وأسرته وبالتالي على المجتمع والاقتصاد الوطني..!
أيها المسؤولون الكبار اصغوا لمقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أيما عامل لي ظلم أحداً فبلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته).. ولا أزيد..!
أما أنتم يا عمال الأردن .. فكل عام وأنتم بألف خير.. ولكم الله..