استيقظنا قبل ايام قليلة على الجريمة البشعة التي وقعت في مخيم البقعة والتي هزت المجتمع الأردني بأسره، والتي راح ضحيتها أم بريئة حامل بجنين في بطنها، وطفلها ذو الأربع سنوات، الذي كان يركض باكيا نحوها قبل أن يردى قتيلا عند قدميها من أجل أن تضمه بين ذراعيها وتحضنه على صدرها الدافيء، الممتليء بالحب والحنان، قبل وفاتها وانتقالها الى جوار ربها، بسبب طعنة سكين غادرة، يحملها وحش كاسر قادر على نهش وتمزيق لحوم البشر الأبرياء بأنيابه ومخالبه الحادة، ويفتك بالبلاد والعباد ويفسد في الأرض.
ففي دراسة قامت بها منظمة الأمم المتحدة أن نحو 464 ألف شخص في جميع أنحاء العالم وقعوا ضحايا لجرائم القتل عام 2017 أي ما يعادل خمسة أضعاف الذين قتلوا في النزاعات المسلحة خلال تلك الفترة وهذا مؤشر خطير ناتج عن خلل وتفكك في المنظومة والتنشئة الإجتماعية. وضعف الوازع الديني، وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية،التي يتعاطاها هؤلاء الوحوش البشرية. وبعضها جيني. حيث يقول صلى الله عليه وسلم " تخيروا نطفكم فإن العرق دساس". فالسمات الإنسانية في غالبيتها أساسها أساس جيني، تنتقل من الآباء للأبناء. فالكذب جيني والسرقة جيني وفعل الخير والشر جيني والعنف جيني والمكر والطيبة جيني. رغم شذوذ هذه القاعدة أحيانا.
إن الدنيا ما هي الا مرحلة عابرة فانية تنتهي بلحظة بسيطة ولا تحتمل كل هذه الشرور. وقد نهانا الله عن القتل حيث يقول الله تعالى "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً". وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الظاهرة المحرّمة في الإسلام، لقول صلى الله عليه وسلم “كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه” كما أخبرنا عن ظاهرة كثرة القتل في آخر الزمان وحذرنا منها، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويُلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج”. قالوا: يا رسول الله أيما هو؟ قال: “القتل.
كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده، ليأتينَّ على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل ولا يدري المقتول على أي شيء قُتل".
ولكثرة من يُقتلون، فإن القاتل لا يدري لماذا قَتل. ولا يدري المقتول لماذا قُتل.
ليكن تنفيذ حكم الإعدام ردعاً وزجراً وتوبيخاً لكل من راودته نفسه للقيام بأمر مُحرَّم يُعاقب عليه الشرع والقانون بالقتل، لأنَّه إن أنهى نفساً بقتلها، فقد حكم على نفسه بالموت كذلك، وبهذا ينكف الناس عن فعل الجرائم، ولا ينفتح الباب على مصراعيه للقتل الظالم وزهق أروح الناس الأبرياء.