عادت اسرائيل لتضرب مواقع عسكرية سورية. وهذه المرة « ارض معاوية « تلتهب بالصواريخ الاسرائيلية، حوالي 20 قتيلا من الجيش السوري جراء عمليات قصف صاروخية اسرائيلية متتالية. يفهم ما تقوم به اسرائيل من قصف صاروخي لمواقع عسكرية بانه خطوة استباقية لتصفية وردع قوة عسكرية تنتج وتولد على الارض، وعمليات تستهدف قوى عسكرية ومعدات قائمة وقيد الاعداد، وبالاضافة الى مواقع عسكرية جديدة بين الحدود السورية -العراقية.
صواريخ اسرائيل في سورية حملت رسالة لبادين الرئيس الامريكي الجديد تقول : «نحن هنا «. الصراع السوري مرت عليه حقبتا رئاسة امريكية : باراك اوباما وترامب 2010-2020. عقد من الزمن،واشنطن تبنت سياسة الصبر الاستراتيجي والقيادة من الخلف في عهد اوباما واستمر على نهجها ترامب، واصبح النزاع مدمرا ومتعدد الابعاد، وخيوط اللعبة تتعقد اقليميا ودوليا، وموازين القوى لا تميل لصالح لقوة وطرف ليكون صاحب قرار الحسم والفصل في الصراع، ورغم ان النظام السوري حقق انتصارات واستعاد مدنا ومناطق جغرافية واسعة من المعارضة المسلحة وداعش.
في الدقائق الاخيرة من حكم ترامب سعى لاقرار الكونغرس مشروعا معدل لقانون» قيصر « الذي دخل حيز التنفيذ منذ عام. ويزيد القانون من تشديد العقوبات على دمشق. وكما يبدو فان رهان الادارة الامريكية على قانون قيصر وحصاد نتائج سياسية من تطبيقه لم تفلح. وما فعله القانون ازمة من معاناة السوريين المعيشية وعمق من الازمة الاقتصادية والاجتماعية ومعاناة المواطنين بالحصول على السلع والمواد الاساسية.
وبحسب مشروع القانون الجديد المعدل ل»قيصر « فانه يقطع الطريق على ادارة بايدن وما قد يطرق من ابواب لتسوية وحل سياسي للازمة السورية. ويخول القانون للرئيس الامريكي باقامة مناطق اقتصادية في المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق، ولتنشيطها اقتصاديا والسماح باقامة علاقات مع واشنطن وغيرها من دول العالم.
سيناريوهات الازمة السورية. يصعب قراءة الحسابات الجيوسياسية والاقتصادية لتطورات الصراع في سورية والاقليم. سورية مازالت ساحة حرب ومعركة لفرقاء اقليميين ودوليين. والصواريخ الاسرائيلية صورة لنقل الصراع مع ايران وحلفائها في الاقليم للساحة السورية. ولربما هذا ما تجده ايران مجالا لفتح ساحات حرب للرد والثار من مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني والعالم النووي الايراني محسن فخري زادة.
الصواريخ الاسرائيلية هطلت على مواقع عسكرية بين الحدود السورية والعراقية، ومناطق حدودية لتجمع المليشيات والفصائل الفاعلة على الساحة السورية والموالية لايران. وعلى مقربة من القواعد العسكرية الامريكية في شرق الفرات السوري، ومناطق الاكراد.
ماذا ورث ترامب الرئيس الامريكي في ملف الازمة السورية ؟ واشنطن اعترفت بتبعية الجولان المحتل لاسرائيل. فما هي الخيارات المنظورة في سياسة بايدن ازاء سورية ؟ تقسيم سورية سيناريو وارد مثلا، وتوسيع الدعم للاكراد اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. دعم نظام بشار الاسد واعادة الشرعية بعد اجراء اصلاحات دستورية وسياسية تنفيذا لقرار 2254، والتعاون مع الولايات المتحدة في محاربة الارهاب، والتخلص ممّا بقي لديه من اسلحة كيمياوية، ثم «محاسبة» مرتكبي جرائم الحرب وضمان عودة اللاجئين والنازحين.
وهل ستسير الازمة السورية في عهد بايدن امام منعطفات مصيرية ؟ وهل ستكون واشنطن « الداء والدواء» في الازمة السورية ؟ واذا ما اشنطن تخلت عن سياسة الناي بالنفس والقيادة من الخلف، وذهب بايدن لوضع الملف السوري فوق ملفات الازمات والحروب والنزاعات الكبرى الاخرى العالقة والحساسة والاستراتيجية في الاقليم.
مقاربات سياسية في قراءة الازمة السورية. ولربما ان اكثر ما يحتاجه الاقليم انفراج في الازمة السورية، ووصول السوريين حكومة ومعارضة الى تسوية وحل سياسي، ورفع للحصار الاقتصادي الخانق على دمشق، وعودة سورية الى مربعها الحيوي الاقليمي المشرقي والعربي. وليعود اللاجئون السوريين من الاردن ولبنان الى ديارهم.