يأتي اجتماع وزراء خارجية الدول المضيفة للاجئين السوريين من دول الجوار السوري في مخيم الزعتري امس بعد ايام من افتتاح الأردن لمخيم الأزرق في الصحراء الشرقية والذي تبلغ قدرته الاستيعابية حوالي 130 الف لاجئ. مخيم الأزرق هو الأكبر والأحدث من نوعه في العالم، وهو مدينة صغيرة تضم مدارس ومشافي واسواقا وقد خطط له بشكل يضمن بقاء طويل الأمد لسكانه.
الأردن لم يغلق ابوابه في وجه اللاجئين السوريين، على الرغم من تزايد الضغوط الشعبية على الحكومة لوقف سيل الفارين بحياتهم وتصريح الخارجية الاردنية قبل ايام من ان الطاقة الاستعيابية للمملكة بلغت حدها. يستقبل الأردن نحو مليون وثلاثمائة الف مواطن سوري حاليا، منهم ستمائة الف مسجلون لدى المفوضية العليا للاجئين. وتتجاوز كلفة استضافة هؤلاء بلايين الدولارات سنويا في وقت يعاني فيه الأردن من ضائقة مالية وركود اقتصادي وضغط متزايد على موارده الطبيعية وخاصة مصادر الماء في الصيف.
الوجود السوري في الأردن وغيره من دول الجوار ليس طارئا او مؤقتا بحسب تطورات الأزمة السورية. ففي غياب الحل السياسي وفشل الوساطات وانكفاء المجتمع الدولي يبدو جليا ان هذه الأزمة ستطول لسنوات ما يعني ان الدول المضيفة وبخاصة الأردن ولبنان ستواجهان سلسلة تحديات مالية واقتصادية وتنموية لم تكن في الحسبان. وبحسب مفوضية اللاجئين فان المجتمع الدولي يقدم نحو 25 بالمئة فقط من احتياجات الدول المضيفة!
الخوف كل الخوف ان يتراجع اهتمام المجتمع الدولي بتداعيات الأزمة السورية من الناحية الانسانية، ما يترك الدول المضيفة وحدها امام خيارات صعبة. ولا يبدو ان النظام السوري معني بمستقبل ومصير ملايين السوريين المهجرين، وهو بالقطع لن يكون جزء من الحل، على الأقل في المدى المنظور.
عبء اللاجئين السوريين يشكل التحدي الأكبر للدولة الاردنية اليوم وفي المستقبل.
هناك تداعيات آنية اقتصادية ومالية واخرى اجتماعية وأمنية تهدد السلام والاستقرار المجتمعي في المدى المتوسط والبعيد. وحتى لو تدخل المجتمع الدولي وقدم الدعم المالي للاردن فان قدرة الدولة الأردنية على التعامل مع الزيادة الهائلة في السكان وتبعات ذلك ستكون صعبة للغاية.
لا توجد حلول سهلة وعلى الدولة ان تفكر جديا ببدائل وخيارات جذرية قد يكون من بينها اغلاق الحدود بعد ان تحققت نسبة الاستيعاب ووصلت ذروتها. لم يقصر الأردن ابدا تجاه جيرانه عبر العقود الماضية واستقبل ملايين اللاجئين الباحثين عن ملاذ آمن. الفرق هنا ان لا حل قريبا للأزمة السورية، بل من المحتمل ان يزداد عدد السوريين الفارين من أتون الحرب في الأشهر القادمة، ما يشكل كارثة بالنسبة للدول المضيفة وعلى رأسها الأردن!.