ارجو من المسؤولين في بلادنا ان لا يحشروا انفسهم ويحشرونا معهم في «زاوية كورونا» فقط، صحيح ان هذا الوباء بحاجة الى تكاتف جهودنا جميعاً لمواجهته وتجاوزه بأقل الخسائر، لكن الصحيح ايضاً ان ثمة أولويات أخرى يجب ان تحظى باهتمامنا، وهي لا تقل أهمية عن «كورونا»، وربما تكون تداعياتها اخطر.
للتذكير فقط، أضم صوتي الى التحذير الذي اطلقه وزير العمل حول انفجار «قنبلة» البطالة اذا لم نستدرك الامر قبل الصيف القادم، وأضع -ايضاً- بين يدي المسؤولين في الحكومة «كشوفات» الرواتب التي اشهرها الموظفون الذين أحيلوا الى الاستيداع او الى التقاعد المبكر، وهي مخجلة وصادمة، اذ كشفت عن «الظلم» الذي لحق بهؤلاء وأسرهم، ولنا ان نتصور كيف يمكن لهؤلاء ان يؤمنوا ابسط ما عليهم من التزامات معيشية بمبالغ لا تزيد عن عشرات الدنانير، بعد ان تم «السطو» على رواتبهم بهذه الطريقة غير المفهومة.
للتذكير ايضاً، فإن باب «التوظيف» في القطاع العام، ناهيك عن القطاع الخاص، توقف، وبالتالي لا يوجد أمام العاطلين عن العمل، من الاف الخريجين، أية فرصة او امل بالحصول على «وظيفة»، واذا ما أضفنا لذلك الخطة التي تفكر بها الحكومة لترشيق الإدارة العامة وهيكليتها، والاستغناء عن عدد كبير من الموظفين الذين اكملوا الحدّ الأدنى من مدد التقاعد، فإن النتيجة ستصب في اتجاه ما حذرنا منه وزير العمل، اقصد «القنبلة» الاجتماعية التي قد تنفجر في وجوهنا...تماماً كما حصل قبل نحو عامين حين زحف بعض الشباب من الأطراف للعاصمة بحثاً عن وظيفة او فرصة عمل.
للتذكير ثالثا، نحن الآن بصدد التوجه -كما يبدو- لمزيد من «الاغلاقات» والتوسع في ساعات الحظر، مما يعني ان حركة الاقتصاد في بلادنا ستتوقف ايضاً، وبالتالي فإن تداعيات ذلك ستصب في خانة الأزمة المعيشية، وستنعكس على المزاج الشعبي، وعلى نفاد صبر الناس بعد ان تحملوا ما تحملوه...وربما يصبح ما قاله رئيس الوزراء ووزير المالية حول «المصائب والويلات» القادمة امراً واقعاً...والاسوأ منه ان لا تتحرك باتجاه «التحوط» منه ومحاصرته بما يلزم من حلول.
يا سادة، بعد ان يذوب «ثلج» كورونا، وهو سيذوب بالتأكيد، سنقف جميعاً أمام «مجتمع» منهك اقتصادياً واجتماعيا ونفسياً، وأمام طوابير من «المصابين» بإصابات جسيمة جراء الوضع الاقتصادي الصعب، سيصرخ هؤلاء بأعلى اصوتهم : نريد فرصة عمل، نريد مساعدات عاجلة، نريد ان ندفع ما علينا من ديون او ان لا ننضم الى طوابير «المتعثرين» المهددين بالسجن، فهل سيكون لدينا إجابات على اسئلتهم، وهل لدينا اية حلول او استدراكات للتقليص ما امكن من الإحساس بالظلم الذي أصاب من تجرأ البعض على وظائفهم ورواتبهم وأحالهم الى التقاعد قبل ان يكملوا المدة التي تضمن لهم الحد الأدنى من الرواتب التقاعدية...
صدق وزير العمل حين قال: مشكلة البطالة قنبلة موقوتة نأمل من الله ان لا تنفجر في وجوهنا. لكن الأهم من هذا التحذير هو ان نسمع إجابة واضحة عن سؤال: فما نحن فاعلون؟؟