إثر حرب يونيو/حزيران 1967، ارتأت حكومة اليسار الإسرائيلية برئاسة ليفي اشكول ضم أجزاء من الأراضي التي احتلتها، وذلك لإقامة مناطق عازلة تُوفر عمقا أمنيا لإسرائيل في المقام الأول، وورقة للمساومة في حال عقد مفاوضات للسلام في المستقبل، هذا فضلا عن الأهداف الاستيطانية الأصلية.
تعتبر إقامة المستوطنات في القانون الدولي بفروعه -بالإضافة إلى نقل سكان الدول المحتلة إلى الإقليم المحتل- مناقضة لكل المبادئ الدولية وميثاق الأمم المتحدة (ميثاق جنيف الرابع حول قوانين الحرب في عام 1949). ويفصل الميثاق سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال. وجوهر الميثاق في هذه الحالة «يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة»، وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية سواء في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي أو الجمعية ألعامه للأمم المتحدة
وذكر « عميره هاس « في هارتس «بشكل عام، تثير أكاذيب السياسيين والشخصيات الرفيعة في نظام الحكم الغضب، وكأنهم يقولون إننا أغبياء في نظرهم. ولكن غباء الجمهور جاء باختيارهم. ومن خلال رد الجيش الإسرائيلي على طلب حرية المعلومات، تتقشر –كبصلة- تلك الأكاذيب التي نحب أن نصدقها عنهم. الأكاذيب ليست في الرد نفسه، بل حول الوقائع التي يجب ذكرها لفهم الرد القصير جداً.
القصد هو أن ست بؤر استيطانية هي مزارع للأغنام والزراعة في شمال غور الأردن، الواردة في نفس طلب حرية المعلومات الذي تم تقديمه في آب 2020. يعرف الجمهور البؤر الاستيطانية حسب اسم الكاوبوي الأول فيها: تسوري، أوري، عشهال، مناحيم، موشيه ومزرعة عائلة عموسي. في أساس الطلب، السؤال هو: هل حصل هؤلاء المزارعون اليهود حقاً على تصاريح استثنائية لرعي أغنامهم في الفضاءات التي أعلن عنها «مناطق نيران»، في حين أن الجيش والإدارة المدنية يطردون الرعاة الفلسطينيون من هناك ويهدمون تجمعاتهم (انظروا خربة حمصة، في الأسابيع الأخيرة).
ويفند كذب الادعاءات الاسرائيليه للاستيلاء على الاراضي وتتمثل في الكذبه الاولى « هي أن مناطق النيران الواسعة توجد لغاية موضوعية تتمثل بالتدريبات. كانت الكذبة واضحة أمام الفلسطينيين منذ اللحظة الأولى التي وضعت فيها مكعبات الإسمنت التي تحذر من خطر الدخول إلى أراضيهم. وثائق نشرت بعد عشرات السنين من كتابتها أو تم تسريبها، تثبت صدق الفلسطينيين. مثلا،ً مطالبة وزير الزراعة، اريئيل شارون، في العام 1981 بأن يعلن الجيش عن مسافر يطا كمنطقة نيران من أجل منع «تمدد العرب»، واعتراف ضابط في الجيش الإسرائيلي في العام 2014 في جلسة مغلقة بأن تقليص التدريبات «ينبت مسمار لحم» (أي تجمعات فلسطينية). أن البؤر الاستيطانية المذكورة أعلاه -حسب الخرائط الرسمية- غير قائمة على الإطلاق. ابحثوا في خارطة مستوطنات يهودا والسامرة، إذ لا ذكر لها حتى هناك. ولكنها في الواقع، حتى يوم الجمعة 12/10 كانت قائمة وموجودة على طول 16 كم في مساحة تبلغ 100 كم مربع، التي تقع بين قرية عين البيضا في الشمال وقرية الخيام الحديدية في الجنوب التي تقوم إسرائيل بهدمها بصورة متكررة.وأن أوامر الهدم التي أصدرتها الإدارة المدنية بشكل تلقائي ضد البؤر الاستيطانية، الأولى بنيت في أيلول 2016 والأخيرة في تشرين الثاني 2020. أوامر الهدم سارية المفعول، في حين أن البؤر الاستيطانية تزداد وتتسع. الإجابة المعيارية التي سيتم –بحسبها- إنفاذ القانون حسب «سلم الأولويات»، تمزج بشكل مدهش بين الكذب والحقيقة، بدرجة لا يمكن التفريق بينهما. على رأس سلم الأولويات غير العلني هناك وصية اقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم.
وهكذا يمكننا إيجاز مفهوم الاستيطان في الأراضي الفلسطينية بأنه «عملية إستراتيجية لاستمرار إنجاز رؤية إحياء قومي وديني وجغرافي للشعب اليهودي في فلسطين كإقليم يدعي اليهود أن لهم حقا تاريخيا موثوقا فيه. ومن أجل تأمين استمرار هذا الاستيطان وتطوره لا بد من توفير الأمن له، ولابد من استعماله آلية للأمن وللسيطرة على الموارد وللتأثير الأيديولوجي والاقتصادي والاجتماعي في الموقع المحيط به».