هناك مقولة يرددها المحللون في محاولة لإقناع إسرائيل بقبول حل الدولتين اللتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام.
هذه المقولة تقرر ما يبدو أنه بديهية وهي أن إسرائيل لا يمكن أن تظل ديمقراطية ويهودية في الوقت نفسه وهي تسيطر على ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال وتحرمهم من الحقوق المدنية والسياسية.
إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية ، فعليها أن تعترف للفلسطينيين في الضفة والقطاع بنفس الحقوق التي تمنحها القوانين الإسرائيلية ، بما فيها حق التصويت. ولكنها في هذه الحالة لن تظل يهودية ، لأن العرب لا يقلون عن اليهود في إسرائيل كبرى تضم كل أراضي فلسطين التاريخية.
أما إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة يهودية ، فلا مناص من إعطاء الفلسطينيين دولتهم المستقلة ، بل إن قيام الدولة الفلسطينية يجب أن يكون مطلباً إسرائيلياً ، حفاظأً على يهودية الدولة التي يريد نتنياهو أن يحصل عليها من المفاوض الفلسطيني مجاناً.
إسرائيل تفهم هذه الحلقة المفرغة ، ومع ذلك تعتقد بإمكانية الجمع بين يهودية إسرائيل وديمقراطيتها ، بتكرار تجربة الفصل العنصري (أبرتايد) التي طبقت في جنوب إفريقيا ، ولديها حل على المدى البعيد هو وضع الفلسطينيين تحت الضغط لكي يهاجروا تدريجياً إلى بلدان عربية كما حصل بعد 1967 ، وخاصة إلى تلك البلدان التي يعتقد أنها ستقبل أي عدد من اللاجئين مقابل الثمن!. أما على المدى القريب فهو انتظار اللحظة المناسبة لتطبيق الترانسفير ، أي ترحيل السكان أو معظمهم من الضفة دفعة واحدة كما حدث في 1948 و1967.
إذا كانت رغبة إسرائيل في بقائها ديمقراطية ويهودية تفرض عليها القبول بحل الدولتين ، فلماذا لا تفعل ولو تحت الضغط الأميركي والعصا الصغيرة والجزرة الكبيرة اللتين يلوح بهما وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
يكمن الجواب في اعتقاد حكام إسرائيل بأنها تستطيع أن تحصل على كل ما تريده لمجرد أنها قوية عسكرياً ومدعومة سياسياً من أميركا ، فقد قامت إسرائيل بالقوة ، وصمدت حتى الآن بالقوة ، فلماذا لا تسعى بالقوة إلى ما يظنه العالم مستحيلاً؟.
ميزان القوى الذي يميل لصالح إسرائيل عسكرياً لا يميل لصالحها تاريخياً. وسياستها الراهنة تشكل مقامرة بمصيرها وبقائها. وتعطي معنى للشعار الذي يثير أعصابها: زوال إسرائيل حتمية تاريخية.