اجتماعات اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة التي عقدت أمس في عمّان برئاسة د. بشر الخصاونة عن الجانب الاردني ود. مصطفى مدبولي عن الجانب المصري تكتسب في دورتها التاسعة والعشرين أهمية خاصة، فهي بالاضافة الى الظرف السياسي الذي تفرضه أحداث متسارعة في الاقليم في مقدمتها انتخابات اسرائيلية رابعة، ومبادرة سعودية لحل سياسي في اليمن، مع تزايد موجات الارهاب في الاقليم الأمر الذي يتطلب تنسيقا رفيع المستوى في منظومة الأمن القومي العربي وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. أقول: إنه بالاضافة لكل ذلك في الملف السياسي، فان الوضع الراهن يستوجب تنسيقا رفيع المستوى بين الأردن ومصر، اضافة الى العراق، لتوحيد الجهود في مواجهة جائحة « كورونا «، وتداعياتها على اقتصادات هذه الدول والتي هي ليست بمعزل عما يحدث في العالم.
بداية..لا بد من التأكيد على ان هذه الاجتماعات تتميز بضمانات نجاح حتى قبل انعقادها، أساساتها تلك العلاقات الاردنية المصرية النموذجية والاستراتيجية المتجذرة عبر التاريخ، وازدادت كثيرا بفضل توجيهات القيادتين: جلالة الملك عبد الله الثاني وأخيه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهذا ما جعل هذه اللجنة المشتركة من أكثر اللجان انتظاما وانتاجية وانعكاسا على العلاقات الثنائية بين البلدين.
جائحة كورونا لا يمكن مواجهة تداعياتها الا بتعاون ثنائي وثلاثي واقليمي ودولي، لانها لا تستفرد بدولة دون اخرى، وهذا ما اكد عليه جلالة الملك عبد الله الثاني منذ بداية ظهور الجائحة مشددا على ضرورة التعاون والتكاتف وتوظيف علاقات الاردن العربية والاقليمية والدولية لمواجهة هذه الجائحة، ومن هنا أيضا كان التأكيد مرارا وتكرارا على قدرة وجاهزية الاردن للعب دور اقليمي في مجال الامن الغذائي، وكذلك في مجال مكافحة الأوبئة والأمراض السارية.. وغير ذلك.
العلاقات الاردنية المصرية نموذج يحتذي في العلاقات العربية العربية، فالمواقف السياسية المشتركة في مختلف القضايا تعد ثوابت راسخة يؤكد عليها الجانبان، وبات من الضروري أن تترجم هذه المواقف وهذه العلاقة المتميزة في الوصول الى صيغة عملية وواقعية نحو ( تكامل اقتصادي تجاري ) مشترك، سيزيده قوة وجود الشقيقة العراق ضمن منظومة التعاون الثلاثي.
التكامل الاقتصادي ( الاردني - المصري- العراقي ) يستوجب قرارات تحرك ملفات تأثرت بتداعيات جائحة كورونا وفي مقدمتها : العمل على زيادة معدلات التبادل التجاري بين تلك الدول، وازالة كافة المعوقات التي تحول دون سلاسة دخول وخروج البضائع من والى تلك الدول، وتعزيز الربط الكهربائي، وقد قطع الاردن شوطا مهما في هذا الملف مع الشقيقتين مصر والعراق، اضافة الى تفعيل التعاون في مجالات الغاز والنفط.. وفي هذا المجال فان مشروع الغاز المصري ورغم صعوبات ومعوقات الماضي الا انه مشروع قائم على الارض الاردنية من خلال شركة فجر المصرية الاردنية للغاز في العقبة، كما ان مشروع نقل النفط العراقي ( البصرة - العقبة ) هو مشروع طموح قد يمتد الى الاراضي المصرية.
ملف الأدوية الاردنية وتسهيل اجراءات دخولها الى السوق المصرية ملف قديم جديد نتطلع الى انهائه بما يحقق مصلحة الطرفين والسوقين، اضافة الى الملف الزراعي وأهمية زيادة المبادلات الزراعية.. وحتى موضوع اعفاء الصادرات الأردنية من رسوم قناة السويس.
المهم في كل تلك المواضيع أن يواكب النجاحات الكبيرة التي تتحقق من خلال حكومات الدول الثلاث وبتوجيه القيادات ان يوازي ذلك نجاحات على صعيد القطاع الخاص التجاري والصناعي ورجال الاعمال والمقاولين في تلك الدول، حتى يلمس المواطنون ثمرات كل ذلك على ارض الواقع، وهذا بالتأكيد ما تسعى له الدول الثلاث، فهل يكون « التكامل الاقتصادي التجاري « بين الاردن ومصر والعراق وصفة التعافي الناجعة من جائحة كورونا صحيا واقتصاديا ؟؟.. هذا ما نتطلع اليه ونتوقعه.