لم تأتِ الانتخابات الإسرائيلية الرابعة بجديد على نتائج سابقاتها سوى بتراجع حزب « أزرق أبيض» من مشهد الصدارة، على رغم أنه خالف التوقعات وحصد بين 7 ــ 8 مقاعد. لكن ثمة مفاجآت قد تظهر مع صدور النتائج النهائية، ولا سيما إذا تأكَّد أن الحسم في مصير حكومة يمينية سيكون بيد نفتالي بينِت حصراً. على الجانب الآخر، شكّل الصاروخ الذي أُطلق من غزّة مفاجأة أحرجت بنيامين نتنياهو الذي هرع هارباً، في مشهدٍ يذكّر بحادثة أسدود عام 2019
المشهد السياسي لا زال معقدًا في انتظار اتضاح صورة ما ستؤول إليه النتائج النهائية والتي قد ترجح كفة معسكر على آخر على الرغم من ظهور نتائج متقاربة من خلال العينات التي ظهرت عبر قنوات التلفزة العبرية، لانتخابات الكنيست الرابع والعشرين، ومن خلال هذه العينات وحتى النتائج الأولية لعملية الفرز التي قد تستمر للخميس، فإن المشهد السياسي الإسرائيلي سيكون أمام عدة سيناريوهات من أجل تشكيل ائتلاف حكومي جديد.
وقد يكون السيناريو الأول، أن يصل معسكر اليمين بزعامة بنيامين نتنياهو زعيم حزب الليكود، إلى 61 أو 62 مقعدًا، ما يمكنه من تشكيل ائتلاف حكومي، شريطة أن ينضم إلى هذا الائتلاف زعيم حزب اليمين الجديد نفتالي بينيت الذي حصد ما بين 7 إلى 8 مقاعد وفق النتائج الأولية، لكنه قد لا يكون لوحده حاسمًا في إيصال هذا الائتلاف لهذا العدد من المقاعد، ما يعني أن نتنياهو سيكون بحاجة لتحالف آخر ربما يكون مع جدعون ساعر زعيم حزب أمل جديد، أو أن يقنع بيني غانتس زعيم حزب أزرق - أبيض بالانضمام إلى ائتلافه مجددًا، أو حتى إمكانية إقناع زعيم القائمة العربية الموحدة منصور عباس بدعم ائتلافه بدون المشاركة في الحكومة.
في حين أن السيناريو الثاني الماثل أمام نتنياهو لتشكيل ائتلاف حكومي بالشراكة مع بينيت، إقناع أفيغدور ليبرمان للعودة للكتلة اليمينية، أو التوجه نحو الاتصال بأعضاء كنيست من أحزاب متفرقة وعرض عليهم حقائب وزارية وصولًا لـ 61 مقعدًا أو أكثر، من أجل تشكيل ائتلاف مستقر، خاصةً وأن التقديرات تشير إلى أنه قد يصل إلى 60 مقعدًا أو أقل بقليل في حال تحالفه مع بينيت.
ويظهر سيناريو ثالث يتمثل في إمكانية نجاح يائير لابيد زعيم حزب هناك مستقبل في تشكيل ائتلاف حكومي يصل لـ 61 أو 62 مقعدًا، خاصةً وأن الترشيحات تشير لإمكانية وصوله لـ 60 مقعدًا بأريحية في حال نجح بإقناع قادة أحزاب المعارضة ومنهم ساعر وغانتس والقائمة العربية المشتركة، وليبرمان، والعمل، الإنضمام لإئتلاف حكومي تحت قيادته، مع إمكانية أيضًا ضم منصور عباس.
كما يظهر سيناريو رابع يتمثل في إمكانية أن يذهب نفتالي بينيت لرئاسة الوزراء بتشكيل ائتلاف حكومي من خلال إقناع قادة بعض الأحزاب مثل غانتس وساعر وليبرمان وميراف ميخائيلي زعيمة العمل، إلى جانب الليكود من خلال إقناع نتنياهو بالمشاركة في هذا الائتلاف، إلا أنه من المستبعد مثل هذا الخيار في ظل رفض نتنياهو المتوقع بأن يكون وزيرًا في حكومة يقودها شخص آخر.
وفق كل السيناريوهات ، ينبغي انتظار النتائج النهائية من أجل تكوين صورة أكثر ثباتاً ودقّة حول خريطة موازين القوى البرلمانية، وفي ضوئها، يمكن استشراف السيناريوات والخيارات الماثلة أمام نتنياهو؛ فكتلته، بالتحالف مع نفتالي بينت (يمينا)، قد تحصل على ما بين 60 إلى 61 مقعداً، وهو ما يمكّنه من تشكيل حكومة ضعيفة، أو يضطرّ إلى الذهاب نحو انتخابات خامسة. ومع ذلك، يُتوقّع أن تشهد مرحلة ما بعد الإعلان الرسمي للنتائج، حالة من التجاذب والمساومات والابتزاز وفق ماذكرناه ، وخاصة إذا تأكَّد أن « يمينا» قادر وحده على ترجيح كفَّة نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية صرف، الأمر الذي دفع هذا الأخير، ليلة أمس، إلى الاتصال ببينِت وإبلاغه بضرورة انتظار النتائج الرسمية. لكن الخطر الداهم الذي يواجه « نتنياهو « أنه في حال عجزه عن تشكيل حكومة خلال الأشهر الأربعة المقبلة، يمكن لرئيس الوزراء البديل، وزير الأمن، بيني غانتس، أن يكون رئيساً مؤقتاً للوزراء حتى عقد الانتخابات الخامسة.