على ايقاع ديموقراطية الدول النامية ومقاييس الانتخابات العربية جاءت الانتخابات الاسرائيلية للمرة الرابعة خلال عامين بلا بوصلة سياسية ترسم الاتجاهات ولا عناوين برنامجية تضبط الايقاع والتي كان من المنتظر منها ان تقدم الفكرة والنهج على حساب الشخص والمنصب ، الا ان الحركة الانتخابية اختزلت على قواعد كيفية تشكيل الحكومة وعلى نماذج شخصية رئيسها .
فالانتخابات الاسرائيلية كان منتظرا منها ان تقدم نموذجا حقيقيا للنهج الديموقراطي التعددي الا انها خيبت امال معظم المتابعين والمحللين الذين اعتادوا قراءة الجملة السياسية القادمة من خلال طروحات احزابها ، لكنها جاءت نمطية اختزلت فيها الاحزاب الاسرائيلية ذاتيتها بالمشهد الانتخابي بطريقه شكلية فكانت بلا مضمون سياسي يمكن البناء عليه وحتى طريقة تصنيفات الاحزاب فى داخل بيت القرار اخذ يحكمها اليمين وتفريعاته الايدلوجية فغلب على مجملها سمة التطرف وابتعد عن المواطنة موضوع البحث وعنوان البحث وبيت السؤال ، وهذا قد يجعلها مثلبة سياسية ان لم يحسن استدراك ذلك بالتركيبة الحكومية القادمة وهذا ما يجعل الانتخابات الاسرائيلية يكون وصفها بانتخاب التوافقات النسبية القائمة على الهويات العرقية او الدينية المختزلة فى الاحزاب .
فالانتخابات الاسرائيلية التي حملت سمة الهويات الفرعية لم تأتي بجديد بل جاءت على ذات الحالة النمطية المؤطرة بالمقاييس القطاعية القائمة على تأصيل القطاعات المذهبية وترسيخ القطاعات الديمغرافية وتمثيل القطاعات الوظائفية والتي كانت حاضرة على هذه الماهية في المشهد الانتخابي كما ينتظر ان تكون ظاهرة عند تشكيل المربع الحكومي والذي مازال يواجه تحدي بقاء نتنياهو على رأس بيت القرار الى حين انتهاء ازمته الشخصية فان انتهاء الازمة السياسية الاسرائيلية مرهون بانتهاء الازمة الشخصية للزعيم نتياهو ، وهذا ما يؤكد ان الرتم السياسي الاسرائيلي اصبح يعمل على نفس الايقاع العربي ، يعني ما في حدا احسن من حدا .
لكن هنالك مفاجآت حملتها الانتخابات الاسرائيلية جاءت مغايرة عن تلك التي حملتها استطلاعات الرأي، وهذا ما يمكن قراءته من النتائج الاولية التي اظهرت تقدم غانتس من 4 الى 8 مقاعد وتراجع جدعون ساعر من 18 الى 7 وحصول الموحدة العربية على نسبة الحسم وحصولها على 5 مقاعد من 10مقاعد. وحصول حزب الصهيونية الدينية بزعامه اتسائيل سيموترش على 7 مقاعد التراثوكس ، الذين كانوا يصوتون لصالح الليكود تاريخيا والذي حمل طابع مفاجأة ايضا بعد ظهور نتائج الانتخابات تراجع فرص نتياهو فى الحصول على الاغلبيه النيابيه لتشكيل حكومه وبروز دور للقوائم العربيه لتشكيل الوزن المرجع للتشكيله الحكوميه القادمه ، والتي يمكن ان تكون بديله لنتنياهو ان احسن استثمار المناخات السياسيه الموضوعيه وعمد على تشكيل جناح التغيير برئاسه يائير لبيد بدعم من كل الكتل المعنيه بالتغيير وهي ما تشكل 61 عضوا في الكنيست بحيث تعتمد على القائمه الموحده والقائمه المشتركه وميرتس وحزب العمل وغانتس وليبرمان وجدعون ساعر فهم قادرون على تشكيل جناح يغير الواقع القانوني وينهى الازمه السياسيه ويفتح الباب تجاه عناوين جديده تخلص المنطقه من افلام نتنياهو المستهلكه وسياساته التي تبتعد فى مجملها عن الجديه واحترام المواثيق، فان عمليه الفك والتركيب وسياسه شراء الوقت والبحث عن عدو مشترك يجعلنا نقف على ارضيه واحده باتت سياسات محروقه ، وغير مفيده ولن تخرجه من حالة المخاض السياسي التي سيبقى يدور في رحاها للمره الخامسه انتخابيا ان لم يقم بدخول من الباب وبانحناء تام فان الملف الايراني بات امريكيا محصنا ، والمطلوب من نتياهو اما ان يعتدلاو ان يعتزل..