ما تزال عقيدة وعقدة نتنياهو في العداء للاردن تلقي بظلالها على إدارته المأزومة وتدخل الامور في تعقيد العلاقات بين إسرائيل والأردن، وبل وتأخذ بالتدهور باطراد متزايد كلما أراد الاقتراب من الانتخابات وأصوات التطرف اليميني الاسرائيلي استدرارا لاصواتهم التي تحسم مسألة الفوز بأغلبية قادرة على تشكيل حكومة تحمله الى النجاة من طوق التحالفات مع الأحزاب اليسارية والقوى العلمانية في اسرائيل .
مسألة اخرى قد تدفع نتنياهو الى استمرارية افتعال الاحتكاك المباشر وغير المباشر مع الأردن هي اشغال الشارع الاسرائيلي عن محاكمة فساد إدارته، والإفلات من السجن الذي ينتظره هذه المرة ان لم ينجح بتشكيل حكومة جديدة ، لنرى نتنياهو بثياب ايهود أولمرت ، وبالتالي نهاية لا يريدها لنفسه بعد كل هذه السنوات .
اعتقد ان نتنياهو اليوم سيعود إلى أوراق سبق أن طرحها على مائدة التأزيم مع الأردن من قبل في مسألة الحدود والمياه ، في مسعى لخطب ود بعض أحزاب إسرائيلية تنظر إلى اعادة النظر بضم أراض الأغوار لها وإغلاق أراضي السلطة داخل كماشه والفك الاسرائيلي ، وهو يريد أن يرد على مواقف اردنية متتالية كسرت من غروره وصلفه السياسي وجعلت منه مادة للنقد والسخرية وليس أدل على ذلك ما عنونت به صحيفة هآرتس المستقلة عبر تحليل لكاتبها وأمير اسبوع في رفض الاردن استخدام نتنياهو لاجوائه في زيارة خارجية وجاء العنوان «كيف تحولت رحلة الإمارات من إعلان انتخابي ممتاز الى فضيحة وطنية مخجلة. « كما هآرتس كتبت معاريف على لسان المحلل زفي يحزقيلي أن ما حدث هو «انتقام دبلوماسي جميل ولكنه سيزول مع الوقت» .
وفقا لاتفاقية سلام وادي عربة 1994، يحق للأردن طلب مياه إضافية من إسرائيل قدرها 35 مليون متر مكعب سنويا، إضافة للمياه المخزنة ببحيرة طبريا خلال فصل الشتاء، لكن إسرائيل ليست ملزمة بذلك، وفي 2010 اتفقا على أن الأردن سيشتري 10 ملايين متر مكعب إضافية من المياه من إسرائيل، وبذلك تصل الكمية السنوية من المياه التي تزودها إسرائيل للأردن إلى 45 مليون متر مكعب سنويا ، ورد نتنياهو الاخير في قضية حصول الاردن على حصته من المياه في طبريا يعكس عمق الأزمة بين البلدين، فهذا الرد يلقى معارضة في داخل اسرائيل والمهنييون في إسرائيل أوصوا بالاستجابة لطلب الاردن لتوريد حصته من المياه ، لكن يبدو ان نتنياهو ذاهب الى سياسة المراوغة التي اثبتت الايام والتجارب السابقة انسحابه منها، وان بالونات الاختبار ومحاولات لي الذراع لم تجدي نفعا مع الاردن، الذي يخاطب العالم بمنطق من يمد يده للسلام خصوصا الذي سيعارض اي اخلال بالتنفيذ، و يعلم إسرائيل لديها مصلحة واضحة بالحفاظ على اتفاقية السلام مع الأردن، فثمة حدود طويلة بينهما.