هدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، بأنه «لن يستطيع أحد أن يأخذ نقطة ماء واحدة من مصر»، مشدداً على أن «ذراع مصر طويلة وقادرة على مواجهة أي تهديد»، مشيراً إلى أن المساس بمياه مصر خط أحمر وسيؤثر على استقرار المنطقة بالكامل. وأشار إلى أنه «سيحدث عدم استقرار إقليمي لو انتهك أحد حقوق مصر المائية».
تاتي تهديدات الرئيس المصري اثر خلافات تعرقل مفاوضات سد النهضة، أبرزها مخاوف مصر من أن يؤثر ملء السد دون آلية متفق عليها، على حصتها في مياه النيل، فيما يقول السودان إن إثيوبيا لم تقدم حتى الآن ما يبرهن على أمان السد، أما إثيوبيا فتشدد على أن سد النهضة مصيري بالنسبة للتنمية وحماية سكانها من الجفاف. وقد فرغت إثيوبيا من الملء الأول قبل أشهر، وها هي تستعد للملء الثاني في يوليو القادم.
وعلى رغم نفي الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استخدامه لغة التهديد في ملفّ « سد النهضة» ، أطلق من قناة السويس، الثلاثاء الماضي ، تصريحات عالية النبرة مفادها التحذير من أن المساس بحصّة بلاده في مياه النيل سيؤدّي إلى حالة من فقدان الاستقرار « لن يتخيّلها أحد». وبعد ستّ سنوات من توقيع اتفاقية المبادئ الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم، قال السيسي إن القاهرة « تَستخدم لغة الحوار الرشيدة والصَبورة، خاصة أن الأعمال العدائية يبقى تأثيرها طويل المدى وتبقى في أذهان الشعوب» ، لكنه نبّه إلى أن « المساس بمياه النيل خطّ أحمر، وردّ الفعل المصري قد يؤثّر في استقرار المنطقة بالكامل» . وأضاف أنه يتعامل بصبر شديد، ولم يُرِد التحدُّث بهذه اللهجة من قَبل حتى لا يُفهم من حديثه أنه يستخدم لغة تهديد، مستدركاً: « مَن يُرد أن يختبر ردّ الفعل المصري عليه أن يخوض التجربة» .
مع ذلك، توقَّع الرئيس المصري التوصُّل إلى اتفاق خلال الشهرين المقبلين، اللذين يسبقان البدء بالملء الثاني لبحيرة « سدّ النهضة» ، وفق الإعلان الإثيوبي. وتأتي تصريحات السيسي بعد ساعات من إعلان الخارجية الإثيوبية إبلاغها المبعوث الأميركي إلى السودان، دونالد بوث، أن أديس أبابا ستمضي قدُماً في الملء الثاني لبحيرة السدّ، والذي يُعدّ جزءاً من المشروع، وذلك في خطوة تعكس الإخفاق الأميركي في الوساطة بين البلدان الثلاثة. أمّا مسار المفاوضات الذي يرعاه الاتحاد الأفريقي برئاسة الكونغو، فيُواجه تعثُّراً واضحاً مع استمرار الخلاف حول أساسيات التفاوض، إذ ترغب مصر والسودان في تشكيل رباعية دولية لخوض المفاوضات، فيما تتحفّظ إثيوبيا على هذا المقترح وتطلب اقتصار المفاوضات على الوساطة الأفريقية التي لم تُحرز تقدُّماً يُذكر منذ أكثر من عام.
وفي الآونة الأخيرة، تقول مصر إنها نجحت في ممارسة ضغوط ديبلوماسية شديدة على إثيوبيا بمساعدة خليجية، كي تَقبل التفاوض على « حلول عادله « تُرضي جميع الأطراف. وتتركّز الاهتمامات المصرية على مرحلة ما بعد اكتمال السدّ، والرغبة الإثيوبية في توقيع اتفاق جديد لتقاسُم المياه. في المقابل، تسعى إثيوبيا، حالياً، إلى اتفاق ثنائي محدود مع السودان حول الملء الثاني للسدّ، وهو ما تُحذّر منه القاهرة الخرطوم لاعتبارات بينها استحالة تحقيق توافُق بعد تخزين 18.5 مليار متر مكعّب من المياه، وما يُمثّله ذلك من تهديد حقيقي وخطير للسودان، بتعريض آلاف الأفدنة للغرق في حال فتح بوابات البحيرة أو انهيار السدّ جزئياً.
رسائل الرئيس المصري تتعدى الجانب الإثيوبي لتشمل تحذيرا مصريا لأوروبا وأمريكا ، في محاولة لحثّهما على الانخراط في رعاية المفاوضات ضمن إطار زمني لا يتجاوز منتصف حزيران/ يونيو المقبل، خاصة مع الحديث عن فتح السيناريوات التصعيدية للدفاع عن حصّة مصر في مياه النيل. وتراهن مصر على تأثير هذه الضغوطات خلال الأسابيع القليلة المقبلة، خاصة مع رفض الملء الثاني بصورة منفردة. وتتحدّث الأوساط السياسية عن أن صيغة الاتفاق ستكون قاب قوسين أو أدنى من التحقُّق، بما يضمن مصالح الأطراف المشتركة في المفاوضات، خاصة أن الجزء الأكبر منها سياسي وليس فنّياً، وذلك بعد التوافُق على غالبية المعايير الفنّية خلال الجولات السابقة.