عام الجراد موجود في الذاكرة الأردنية والفلسطينية، وقد أرخ له الجندي العثماني احسان الترجمان بين عامي 1915-1916، إذ تزامنت الحرب الكبرى الأولى 1914-1918 وويلاتها مع الجراد الذي اجتاح المنطقة والمجاعة، فأضاف ذلك الواقع الكثير من أسباب التعاسة لدى الفلاح الفلسطيني، وقد وثق الترجمان الحياة اليومية في القدس بشكل دقيق، لكن ماذا عن عمان؟ وماذا عن الراهن واليوميات العمانية.
عمان اليوم مليئة، بالاحاديث، وميزة الأيام الماضية تقريبا اختفاء المسؤولين، والاكتفاء بمواجهة كورونا، وهو ملف بات عابرا، ومقلقا جداً أن نرى التـأخر في وصول المطاعيم وقلتها، وفي الأخبار أن موجات الجراد وصلت عمان، وهذا كله يأتي، في كساد التجارة، وارتفاع تأثيرات وباء كورونا، وضعف المسؤولين، وجدل حول العمل الذي قيل أن الأمانة ارادت تسجيل سابقة عالمية فيه، وللأمانة رأي وللشارع رأي بأنه مفاده، أن رفع علم بحجم كبير ليس بانجاز، بل الانجاز برفع الظلم والفقر والجوع عن فقير ومعوز، فذلك أهم وافضل عند ربك ثواباً وأعظم أجرا.
كل ذلك حدث ويحدث، في ظل الحر الشديد، الذي جاء مبكراً، ثمة قمح لفح الحر سنابله قبل أوان نضجها، وهنا يحذر الناس من نضوب الألبان والاجبان البلدية هذا الموسم مبكراً، وأما سعر كيلو الدجاج فبلغ من دينار وثمانين قرش إلى دينارين، والناس الفقراء الذين كانوا يلوذون بطير او نصف طير لا حول ولا قوة لهم عليه.
نعم اقترنت على الناس مصائب كبيرة هذا العام، دخل شهر رمضان منتصف الشهر، بعد ان كانت الرواتب عن شهر نيسان صرفت، والسوق في ركود، وكيلو الخيار من 40- 65 قرش، والثوم البلدي بدينار ونصف او دينار في الأطراف.
يحدث ذلك، والناس تتعلق أنظارها إلى فك الحظر لتعمل أكثر، ولكي تكسب الحكومة ضرائب أكثر.
لم يبق عند الناس ما ينفقوه من مدخرات، ولا من سبيل، إلا بحل يكفي الناس شر المزيد من الغضب.
الحكومة تتنقل من مشكلة إلى مشكلة، من حادثة السلط إلى أزمة ارتفاع سعر الدجاج، إلى حادثة الانقلاب إلى غزو الجراد، والحديث عن تعديل جديد في هيكلها. وسعر كليو اللحم البلدي في عمان من 9 إلى 10 دنانير.
كل هذا يجري، في ظل زيادة الغني غناً والفقير فقراً. وأما العمل والبطالة فهما ثقل كبير أثقل الناس في هذا العام والعام المنصرم، ما جعل الكثيرين خارج عملهم.
بهذه اللغة البسيطة كان مؤرخو اليوميات يدونون تاريخ المدن، مع التعرض للوزراء والقضاة وخطباء المساجد الكبيرة، واسعار العملة والخضروات وغيرها.
نعم اليوم الناس في ضيق وعوز واعانهم الله، والبلد ليس لديه ترف في الابقاء على سياسة الحظر والإغلاق الجزئي، فقد اثبتت انها لا تفيد ولا تبقي ولا تذر، والحذر من اتساع الجوع بين الناس، لأن الناس إذا جاعوا لم يعد بالامكان اقناعهم بجدوى القانون والعدالة.