سـواء فاز عبد الفتاح السيسي أو حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية، فإن مصر ستكون بخير عميم لأن البرنامجين المطروحين من قبل المرشحين الإثنين يعدان بأن تصبح مصر دولة مثالية متقدمة ومزدهرة، وأن تحل جميع مشاكلها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية المزمنة.
من الواضح أن المرشحين أسرفا في الوعود، ولكن حمدين صباحي بالغ كثيراً في صرف الوعود التي لا يمكن الوفاء بها، لا خلال أربع سنوات من عهده الميمون، ولا خلال 40 سنة:
تأسيس خمسة ملايين مشروع صغير ومتوسط، خلق خمسة ملايين فرصة عمل جديدة، استصلاح أراضي الصحراء، توزيع خمسة ملايين فدان بواقع فدان لكل مزارع مدعومأً بقرض حسن لا يقل عن ألف دولار، مزارع جماعية تعاونية لكل ألف فلاح، السيطرة على الأسعار في السوق، توفير 130 مليار جنية من إصلاح الموازنة ومحاربة الهدر والفساد، القضاء على الفقر والبطالة، توفير الأمن والاستقرار، وتطبيق الديمقراطية والتعددية في دولة القانون والمؤسسات، إلى آخره.
كل هذا حسـن، ويتمنى الشعب المصري أن يراه يتحقق، في هذا الجيل، ولا خلاف على كونه أهدافاً استراتيجية مرغوباً فيها، ولكن تطبيقها يحتاج لآلاف المليارات من الجنيهات فهل يمكن أن تأتي من موازنة عامة تعاني من عجز فادح.
لا يرغب أحد بالحديث عن وسائل تدبير المال لتحقيق هذه الأهداف، فلم يشر أحد إلى الضرائب، وتخفيض الدعم الاستهلاكي، أي أن الشعب المصري سيأخذ دون أن يدفع الثمن. حقوق بدون واجبات. ويقتضي الإنصاف أن نشير إلى ما ورد على لسان السيسي من أنه سيطلب من الشعب المصري العمل والصبر وهي إشارة ضمنية إلى التضحيات المطلوبة.
لم يقف أحد طويلاً أمام مصانع مصر المغلقة، ومطالب العمال المضربين، وإصلاح الإدارة المترهلة، وحل مشاكل الطاقة والمياه والازدحام المروري.
صحيح أن ما تحتاجه مصر في المرحلة القادمة هو الأمن والتنمية، وقد توسع المرشحان في الحديث عن التنمية الاقتصادية، وقرأوا برامج تفصيلية أعدها لهم خبراء وموظفون للتأثير على الراي العام.
خلافاً للتوقعات لم ُيظهر الإعلام المصري انحيازأً لمرشح دون آخر فقد أعطيت أوقات للمرشحين متساوية، وتحليلات متوازنة، وأصبحت المعركة الانتخابية على رئاسة مصر معركة حقيقية وليست محسومة سلفاً كما كان ُيقال.