تذهب معظم التحليلات السياسية إلى أن إسرائيل ذاهبة لا محالة لانتخابات خامسة في غضون سنتين وإذا ما صدقت هذه التوقعات واحتكم الإسرائيليون لصندوق الاقتراع مرة أخرى فهذا يعني أن الخلل البنيوي في طبيعة النظام السياسي الإسرائيلي ينعكس انعكاسا مباشرا على علاقات إسرائيل الخارجية وكذلك وهو الأهم التأثير المباشر على طبيعة الصراع القائم منذ النكبة وآفاق الحلول المقترحة لحل هذا الصراع وهذا بالضبط ما يجعل من طرح هذا السؤال ضرورة ملحة لدارسي ومتابعي الشأن الداخلي الإسرائيلي، فهل فعلا تستخدم الأجهزة المتحكمة بهذه الدولة التناقضات الحزبية والشروخ الإثنية والدينية داخل إسرائيل لتحقيق أهداف استعمارية استراتجية ، وهل تسهل طبيعة النظام السياسي الإسرائيلي هذه المهمة وذلك لتحقيق أهداف وغايات لها علاقة باستقرار الهيمنة الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي لدولة شعب آخر.
ولكي تتضح الصورة أكثر لا بد من الإضاءة على تاريخ الانتخابات الإسرائيلية وكيف أن الأحزاب الإسرائيلية بمختلف توجهاتها تذرعت في كل مرة بعدم قدرتها على تنفيذ بعض الاستحقاقات السياسية خوفا من إسقاط الحكومة على يد أحد الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة أو كما في حالة نتنياهو الدائمة بعدم قدرته على فرض بعض القرارات الخاصة بوقف الاستيطان على أحزاب اليمين المتطرف المشاركة بحكومته، وقد تكررت الأمثلة مرات عديدة مع عديد رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وأصبحت الانتخابات الإسرائيلية الآداة الأهم في يد الأحزاب الإسرائيلية للتهرب من أي استحقاق قد يفضي لمسار سياسي يؤدي لحل متفق عليه مع الشعب الفلسطيني ومن المرجح جدا أن يستغل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هذا الموقع أفضل استغلال خاصة إذا ما شعر بأن الجهود الدولية الحالية ستفضي لأي نوع من الحلول التي لا تتوافق مع معتقداته السياسية والدينية وسيستخدم هذا السلاح كلما شعر بأن العالم بدأ يضيق ذرعا بهذا الاحتلال والاستيطان المتعارضين مع القانون الدولي الإنساني وستكون ذريعة الاضطراب السياسي جاهزة في كل مرة تلوح فيها فرص إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية لأن القوى المتسلطة في منظومة الحكم في إسرائيل ما زالت تعتقد بأنه من الممكن إخضاع الشعب الفلسطيني وخلق نوع جديد من الاحتلال المتحكم بكل ما له علاقة بالموروثات التاريخية والدينية مع إمكانية خلق حالات متفاوتة من الهياكل والمؤسسات الفلسطينية التي لا ترقى بأي نوع من الاستقلال وتقرير المصير