انقلب السحر على الساحر وبات نتنياهو أمام مأزق الإطاحة بحكمه الذي امتد لسنوات حتى بات يطلق عليه ملك إسرائيل بلا منازع ، حزب «يمينا» اليميني المتشدد يدعم تشكيل حكومة ائتلاف في إسرائيل ، فقد وافق حزب المعارضة الإسرائيلية اليميني المتشدد «يمينا» على تشكيل حكومة وحدة وطنية، مما قد ينهي حقبة بنيامين نتنياهو المستمرة منذ 12 عاما. وقال زعيم الحزب اليميني المتشدد نفتالي بينيت إنه سينضم إلى ائتلاف مع حزب الوسط بزعامة يائير لبيد. ويتعين على لبيد، البالغ من العمر 57 عاما، تشكيل حكومة ائتلاف جديدة بحلول يوم الأربعاء المقبل.
ويملك حزب «يمينا» ستة مقاعد في الكنيست من أصل 120 مقعدا ، الذي يمتلك فيه ائتلاف المعارضة من اليمين واليسار والوسط أغلبية مريحة. وقد اجتمع بينيت بزعماء حزب يمينا الأحد وحصل على دعمهم للائتلاف ، حسب البيان الصادر عن الاجتماع.
هذا المناخ السياسي بهذا الغموض في الموقف السياسي في الداخل الإسرائيلي، وتوسّع احتمالات الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، انعكس على مسار التهدئة الذي تقوده مصر وتُفضّل الاستمرار في التنسيق مع نتنياهو حتى آخر لحظة، لأسباب عدّة في مقدّمتها رغبتها في إنجاح الوساطة التي تقوم بها مع الأطراف الفلسطينية، آملة في إقناعها بالاستجابة لمطالبها، خصوصاً في ما يتعلّق بصفقة تبادل الأسرى. من جهته، يراهن نتنياهو على هذه الصفقة وأمور أخرى للبقاء على رأس الحكومة، ولذا فهو يحاول الاستثمار في الاندفاعة المصرية في ملفّ العلاقة مع « حماس» ، والذي تحاول مصر تحقيق « مكاسب» فيه، وترى أنها ستظلّ بمثابة داعم للفلسطينيين يمكن البناء على ذلك في المستقبل القريب سواءً بَقِي نتنياهو أم غادر منصبه، وهو ما ظهر واضحاً في طريقة التعامل المصري مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي، غابي أشكنازي للقاهرة.
لم يحظَ أشكنازي وزير خارجية الكيان الإسرائيلي باستقبال جيد على المستوى الرسمي في القاهرة ، بالتزامن مع وصول مدير المخابرات المصرية عباس كامل إلى تل أبيب، وحظي باستقبال جيّد على المستوى الرسمي، إذ كان في استقباله في المطار مسئولو إدارة المراسم في وزارة الخارجية المصرية وسفيرة إسرائيل لدى مصر، بينما جرى اللقاء بين اشكنازي ونظيره المصري، سامح شكري، على استحياء، ومن دون ضجيج إعلامي كما جرت العادة. ساعات قليلة قضاها في القاهرة ناقش فيها أموراً عدّة مع نظيره المصري ومع الوفد الذي التقاه، في مقدّمتها تصوّرات استئناف « عملية السلام» ، و طبيعة المباحثات التي يمكن إجراؤها مع الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى العقبات التي تعترض هذه المباحثات. وفي هذا الإطار، تحدّث شكري عن استحالة بقاء الوضع على ما هو عليه، ليس في غزة فقط ولكن في القدس أيضاً. ودعا إلى تغليب ما سمّاها « لغة الحوار» ، لأن « المنطقة لا يمكنها تحمّل صراع طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، سواءً في غزة مع حركة حماس أو حتى في القدس»
القواسم المشتركة بين مباحثات أشكنازي في القاهرة، وعباس كامل في تل أبيب، كان تثبيت الهدنة بالتوافق على وقف دائم لإطلاق النار لمدّة زمنية معيّنة، إلى جانب بحث صفقة تبادل الأسرى التي جرى الاتفاق على صياغتها الأوّلية خلال الفترة الماضية، وسط محاولات من أجل إنهائها في أسرع وقت. وفي مقابل تعهّدات مصرية بالعمل على إيقاف إطلاق الصواريخ من غزة، طلب كامل من نتنياهو وقف الاستيطان بشكل كامل، والعمل على البدء في مسار سياسي في المرحلة المقبلة، فضلاً عن ضرورة التهدئة في القدس وعدم التحرّك لتغيير الأوضاع القائمة، كذلك الامتناع عن تنفيذ أيّ عمليات استهداف لقادة حركة « حماس» والفصائل الفلسطينية ، محذّراً من أن هكذا عمليات تهدّد بنسف المفاوضات القائمة.
عباس كامل حمل رسائل من السيسي إلى نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله، وحمل أيضاً دعوة إلى قادة من حركة « فتح» لزيارة القاهرة خلال الأيام المقبلة. وهي دعوة مرتبطة بملفّ المصالحة، حيث تسعى القاهرة إلى إتمامها، في ظلّ تعهّدات مصريه بالبدء الفوري غير المشروط في عملية إعادة أعمار قطاع غزة، بما يسرّع في إنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع. وفي هذا الإطار، ستسبق اجتماعاتُ الفصائل الفلسطينية في القاهرة، إطلاقَ صافرة إعادة الإعمار، التي يجري التنسيق في شأنها بين مصر والأردن وقطر، فضلاً عن السلطة الفلسطينية مُمثَّلة في اللواء ماجد فرج، مدير المخابرات العامّة الفلسطينية. وخشية القاهرة فيما تبذله من جهود ان يتعثر بسقوط نتنياهو ، الذي سيتحدّد مصيره خلال ساعات. إذ إن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يدفع نحو تصعيد جديد في غزة من أجل محاولة البقاء على رأس السلطة، فيما التحرّكات المصرية الجارية، ومن بينها اتصالات الساعات الماضية مع الجانب الأميركي، تستهدف منع مثل هذه الخطوة.