أخيراً نجح يائير لبيد ونفتالي بينيت وجدعون ساعر مع أفيغادور ليبرمان، نجح الأربعة في لملمة إئتلاف يمكنه الإطاحة بالرئيس نتنياهو الذي تربع على عرش المستعمرة بدون انقطاع منذ 2009.
تشكيل الإئتلاف من: 1- الأحزاب اليمينية، 2- الأحزاب اليمينية السياسية المتطرفة، 3- وبدلاً من الأحزاب الدينية اليهودية المتشددة كما كان سائداً، لدى حكومات نتنياهو المتعاقبة، تم استبدالها بحزبي العمل وميرتس ذات النزوع اليساري الصهيوني، ومعهما داعماً للحكومة جناح من الحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس ومعه نواب «القائمة الموحدة» الثلاثة مازن غنايم ووليد طه وسعيد خرومي.
هذا التشكيل الإئتلافي يعني أن حكومة المستعمرة التاسعة عشرة، إن تشكلت وحصلت على ثقة البرلمان، ستبقى مهزوزة غير مستقرة، ليس لأن لديها مواقف سياسية مختلفة عن حكومات نتنياهو السابقة، بل هي أكثر ولاء وتطرفاً في رفض التعامل السياسي مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وسياسة حازمة مع استمرار التوسع الاستيطاني وإجراءات الضم التدريجي للقدس والضفة الفلسطينية باتجاه الأسرلة والعبرنة والتهويد.
إن ما يمكن الإطاحة بهذه الحكومة هو الخلافات والأطماع نحو المناصب والامتيازات والسياسات الداخلية لهذه الأحزاب.
الحركة الإسلامية بقبولها لأن تكون داعمة لهذا الإئتلاف الأسوأ في تاريخ المستعمرة الإسرائيلية، ستظهر أنها حققت مكسباً من خلال الإطاحة بنتنياهو ولولاها لما تمكن هذا الإئتلاف من إسقاط نتنياهو، وتحقيق مكاسب قانونية ومعيشية مختلفة لناخبيها العرب الفلسطينيين، وأنها حققت كسر حدة التطرف الإسرائيلي وقناعاتهم بعدم الاعتراف بمشاركة المجتمع العربي الفلسطيني، وعدم الاعتماد على النواب العرب في الحصول على الثقة للحكومة.
ستبرز حدة التعارضات بين الأحزاب الإسرائيلية نفسها حول عمليات التوسع والضم، وتشريع الاستيطان وإلحاقه رسمياً لخارطة المستعمرة إضافة إلى ضم الغور الفلسطيني، فالخلافات بين نتنياهو من طرف وكل من بينيت وساعر من طرف آخر أنه لم يفِ بوعده الانتخابي في ضم المستوطنات والغور، وأنهما سيعملان على ذلك، بل أن بينيت وليبرمان يسعيان لضم كل الضفة الفلسطينية لخارطة المستعمرة، خاصة وأن زئيف اليكن الذي سيتولى وزارة الإسكان انشق عن الليكود مع جدعون ساعر لنفس السبب، ولذلك سيكون همه وبرنامجه ونجاحه مرهون بزيادة الاستيطان وتوسيعه وجعله عنواناً لما أخفق نتنياهو في تحقيقه.
نتنياهو سيبقى مستنفراً أولاً في الفترة المقبلة قبل حصول حكومة الإئتلاف اليمينية المتطرفة على الثقة ومحاولته زعزعة صفوف إئتلافها، وثانياً بعد تشكيل الحكومة وحصولها على الثقة في طرحه لقضايا وعناوين خلافية أمام البرلمان في محاولة لإرباك الحكومة والعمل على إسقاطها، فلديه كتلة حزب الليكود من ثلاثين نائباً والأحزاب الدينية الثلاثة: شاس وهتوراة والصهيونية الدينية، إضافة إلى معارضة القائمة العربية المشتركة ولديها ستة نواب برئاسة أيمن عودة والأحزاب الثلاثة: الجبهة والتجمع والتغيير.
مأزق المستعمرة لن يتراجع ولن يهدأ، وربما يزداد سعارها، ولكن المشكلة تكمن في عدم وحدة الفلسطينيين رغم التطرف الإسرائيلي وجموح عنصريته، فالقائمة المشتركة المعبرة عن طموحات الفلسطينيين في مناطق 48، سبق وحصلت على 15 نائباً من 64 بالمئة من الفلسطينيين الذين وصلوا إلى صناديق الاقتراع، تراجع تمثيلهم بسبب الانقسام إلى عشرة نواب، وأقل من خمسين بالمائة من الذين صوتوا للقائمتين، ولذلك ستبقى الهيمنة للإسرائيليين ليس بسبب تفوقهم وحسب بل بسبب ضعف الأداء الفلسطيني في اختيار الأولويات.