القاهرة - الكاشف نيوز : أصيبت الأوساط السياسية في العراق والمراقبون في أنحاء العالم بصدمة كبيرة لحجم المخالفات الذي تكشفت تفاصيله مع إعلان نتائج الانتخابات التي أظهرت حصول المالكي على 94 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 328 مقعدا.
لخّصت شبكة «شمس» المستقلة لمراقبة الانتخابات حجم الانتهاكات وأعمال التزوير المنظمة التي جرت في العراق بقولها إن مفوضية الانتخابات نفّذت عمليات تزوير كبرى لصالح ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.
وعرضت تفاصيل هيمنة ائتلاف دولة القانون المطلقة على مفوضية الانتخابات التي يفترض أن تكون مستقلة. وأظهرت أن معظم كبار المسؤولين فيها هم من أنصار المالكي، وأنها قامت بتعيين معظم المشرفين على الانتخابات من أنصارها لتنفّذ عمليات تزوير كبرى لصالح كتلة دولة القانون، وخصوصا في العاصمة بغداد.
وتصاعدت انتقادات الكثير من الكتل السياسية خاصة تلك التي تتنافس مع كتلة المالكي على ذات القاعدة الشعبية مثل كتلة المواطن بزعامة عمار الحكيم وكتلة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر. وقدمت الكثير من الأدلة على الأمثلة الصارخة لعمليات التزوير.
واستغرب القيادي في التيار الصدري أمير الكناني في مقابلة تلفزيونية كيف يمكن أن تبلغ المشاركة في التصويت في حزام بغداد الغربي في منطقة أبو غريب نحو 90 بالمئة رغم أن المنطقة غارقة بسبب الفيضان ونزوح معظم سكانها بسبب الأعمال العسكرية.
وقال إن الأغرب من ذلك أن 80 بالمئة من أصوات تلك المناطق ذهبت لائتلاف المالكي رغم أنهم من الطائفة السنيّة ويناصبون المالكي العداء بسبب العمليات العسكرية التي قادها في المنطقة. وتداولت وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية قبل الانتخابات أفلاما مصورة تظهر قيادات في كتلة المالكي وهم يقدمون سندات الأراضي في الكثير من مناطق وسط وجنوب العراق مقابل التصويت له، بل ويهددون السكان بسحب تلك السندات إذا لم يصوتوا.
وفي أفلام أخرى ظهرت شخصيات من ائتلاف المالكي وهي تهدد سكان العشوائيات بطردهم من أماكن سكنهم إذا لم يصوتوا للمالكي. وبحسب شبكة «شمس»، فإن مفوضية الانتخابات هي التي قادت عمليات التزوير لأنّ كتلة المالكي استحوذت على معظم التعيينات في المفوضية من المراكز المهمة إلى الوظائف الصغيرة.
وساقت دليلا على ذلك بالأرقام التي أظهرت أن 90 بالمئة من الأصوات في “المحطة صفر” المخصصة لتصويت الموظفين في مفوضية الانتخابات ذهبت لائتلاف المالكي.
وأشارت إلى أن معظم كبار مسؤولي المفوضية من أتباع ائتلاف المالكي وتم تعيينهم في تلك المناصب لهذا الغرض.
وساقت الشبكة بعض الأمثلة مؤكدة وجود عدد كبير من الأمثلة الأخرى.
وقالت إن مقداد الشريفي وهو من كبار مسؤولي مفوضية الانتخابات من أتباع دولة القانون وأنّه عين خاله صفاء الموسوي في أحد المراكز المهمة في المفوضية المسؤولة عن العد والفرز.
السجناء "صوتوا" للمالكي بالإجماع رغم أنه يقول إن غالبيتهم من الإرهابيين
وأضافت أن المدعو خليل عبدالرزاق المسؤول الكبير في المفوضية هو ابن أخت القيادية في كتلة المالكي حنان الفتلاوي وأنّه من أتباع تلك الكتلة.
وكانت مفوضية الانتخابات قد استبعدت منظمة «شمس» من قائمة المنظمات المراقبة للانتخابات البرلمانية التي أجريت في 30 أبريل الماضي، إلاّ أن «شمس» أصرّت على الاستمرار في مراقبة الانتخابات عن طريق شركائها المحليين.
وقدمت القنوات الفضائية أمس عشرات الوثائق والأدلة والأفلام المصورة التي تظهر تفاصيل عمليات التزوير واستخدام الأجهزة الأمنية والعسكرية لفرض فوز المالكي، واستضافت الكثير من ممثلي الكتل السياسية ومراقبي الانتخابات. ويكرّر المراقبون الإشارة إلى حصاد المالكي لجميع أصوات منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية، إضافة إلى أصوات الأعداد الغفيرة من السجناء الذين أجبروا على التصويت للمالكي، رغم أن السجناء لا يصوّتون في جميع دول العالم.
وقدّمت شبكة «شمس» وثائق دامغة تبين التزوير عبر إضافة عدد كبير من الأصوات يصل أحيانا إلى عدة أضعاف عدد الذين صوتوا لصالح ائتلاف دولة القانون.
وأوضحت في بعض الأمثلة المدعومة بالوثائق أنّه في المركز الانتخابي الواقع في مدرسة “الضحى والغفران” في جانب الرصافة من بغداد بلغ عدد أصوات دولة القانون في عملية الفرز الأولى 147 صوتا لكنه تم احتسابها 247 صوتا”.
وتابعت إن “إحدى المحطات كان العدد فيها 133 وتم احتسابها 207 أصوات. وفي مركز تصويت آخر بلغ عدد الأصوات 77 صوتا في حين تم احتسابها 277 صوتا وجميعها لصالح ائتلاف المالكي”.
1 مليون صوت انتزعتها دولة القانون من منتسبي القوات الأمنية والعسكرية
وقالت إن تلك الوثائق مجرّد مثال صغير لعمليات التزوير الواسعة التي قامت بها مفوضية الانتخابات لصالح كتلة المالكي، وهي التي يفترض أن تكون مستقلة ووظيفتها ضمان نزاهة الانتخابات.
ويقول محلّلون إنّه من الصعب إهمال ولو جزء بسيط من تلك الأدلة في أي بلد في العالم، وأنّ ما يحدث في العراق حالة مستعصية على التفسير، حيث سبق أن كُشفت الكثير من فضائح الفساد الكبيرة دون أن تسفر عن اتخاذ أي إجراء محدد ضدها.
ويضيف المحلّلون إن معظم أجهزة الدولة التي يفترض أن تكون مستقلة أصبحت تابعة لرئيس الوزراء نوري المالكي، ومنها المؤسسات الأمنية والعسكرية ومجلس القضاء الأعلى وهيئة الإعلام التابعة للدولة وصولا إلى المؤسسات المالية وعلى رأسها البنك المركزي العراقي.
ويُلفت المراقبون إلى أنّ المخالفات التي جرى كشفها قبل وأثناء وبعد الانتخابات لم تُحدث الوقع الذي تحدثه عادة في أي بلد آخر في أنحاء العالم.
ويرى البعض أن “وقاحة” عمليات التزوير والأدلة الدامغة عليها قد تزيد من إصرار الكتل الأخرى على عدم التحالف مع المالكي الذي يحتاج إلى أكثر من 70 مقعدا إضافيا لتولي رئاسة الوزراء مرة أخرى.