ها نحن نضمد جراح العقد الماضي الاسود و الذي ضرب منطقتنا، و العالم، بقتل عبثي، و تشريد للناس، و هدر للموارد. و يعود اقليمنا الى الهدوء و السلام بحمد الله، و تعود البوصلة الى فلسطين قضيتنا المركزية.
لا شك ان الدول العربية، و على رأسها الاردن، نجحت في التعامل الامني مع الارهابيين. و لكن السؤال المحوري هو كيف نقيم و نتعامل مع تداعيات الارهاب الاجتماعية والنفسية و السياسية على المديين المنظور و البعيد؟ ما هي انعكاسات ما جرى خلال عقد من الزمن على مجتمعاتنا و كيف نستفيد من الدروس الماضية؟ كيف ستتعامل الدول العربية مع العائدين من داعش واخواتها؟ ماذا تعلمنا من تجربة الافغان العرب؟ التاريخ يعيد نفسه فقط اذا لم نتعلم منه.
الفكر المتطرف قد يكون اليوم هادئا و لكنه ليس غائبا. الاجهزة الامنية في دولنا لديها الخطط و الخبرات الملائمة للتعامل مع هذا التحدي، و لكن ما الذي اعدته الجهات غير الامنية لمواجهة الفكر المتطرف الان و مستقبلا. عالميا، و خصوصا في المجتمعات الاسلامية، تفاوتت استراتيجيات التعامل مع الافكار المتطرفة ما بين الانكار لوجودها الى مواجهتها مباشرة.
احدى التحديات الكبرى هي ان استراتيجييات الارشاد و التوجيه و الاعلام تعاني من رتابة و روتين لا يجذب الشباب. اللغة انشائية و الاسلوب خطابي. فالخطاب الذي يبتعد عن الواقعية و الموضوعية يكتسب القليل من المصداقية. من المتفق عليه ان التطرف والغلو دخيلان على مجتمعاتنا، ولكنهما لا يجابهان بعناوين عامة مكررة او بافكار جامدة من الصعب ان تكون مقنعة.
على المجتمعات العربية و الاسلامية ان تعيد كسب الشباب حتى لا يقعوا مرة اخرى فريسة افكار متطرفة في المستقبل، و نعود الى دائرة العنف مرة اخرى، لا سمح الله، بعد عقد او عقدين من الزمن. و كسب الشباب لا يكون فقط بالتربية او بالخطاب العام، بل بدمجهم في المجتمع عن طريق التعليم السليم الذي ينتج مهارات عملية، و في ايجاد البيئة الملائمة لتوظيف هذا المهارات، و في اشراكهم سياسا.
نحن بحاجة ماسة و سريعة الى منظومة متكاملة تواجه من الان الموجات المحتملة القادمة من التطرف في الفكر و المنهج. ليس من الحكمة الاعتماد الكامل على المواجهة الامنية، على ضرورتها، بل لا بد من صياغة رؤية تنمية شاملة للمجتمعات عمادها تمكين الشباب.