منذ ان عادت الحياة البرلمانية والحزبية للمشهد في الحياة العامة، ومناخات التغيير والتغير فى الانظمه والقوانين تلازم كل مفصل انعقاد انتخابي عقدناه او واكب منعطفا سياسيا مر على المنطقة، ومنذ ذلك الحين الى حين تشكيل اللجنة الملكية لتطوير القوانين السياسية ويكاد يربط كل مشهد انتخابي تم اجراؤه بنظام انتخابي تم اقراره، لكن الصورة الكلية في المشهد العام بقيت تراوح عند المستويات ذاتها من التقدم، وان نسجل منطلقا جديدا يمكن البناء عليه في وصل الاجسام السياسية التي يستوجب وصلها لتحقيق عناوين الاستجابة المطلوبة بين المؤسسات الحزبية والكتل البرلمانية، حتى يتم ادخال العمل الجماعي المنظم الى اروقة مجلس النواب الذي يعتبر بيت القرار وعنوانه.
لم تشفع كل الاجتهادات التي تم اضافتها لتجميل صورة المشهد العام من ارساء المضمون السياسي المراد تكوينه للصورة البرلمانية؛ لانها كانت غالبا ما تصدم بواقعية التمثيل النمطي وتستجيب للظروف الموضوعية بمرحلية تقدير؛ وهذا ما جعل الصورة الكلية للمشهد السياسي تكون بمجملها آمنة، لكنها غير مستدامة، فهي وان كانت قد حافظت على استمرارية انعقاد مجلس الامة ودورية انعقاد الانتخابات فى المشهد العام، لكنها لم تحدث تقدما ملموسا تجاه الارتقاء بروافع مجلس النواب لاحداث تاثير واسع، فيشكل ذلك الجسم السياسي ويمثل الدرع الواقي لبيت القرار؛ فحافظ على درجة المنعة عبر تعزيز عامل الثقة، ويعزز من مستويات المصداقية بما يحقق عناصر الاستجابة تجاه المؤسسات الدستورية.
ان الحاجه لمجلس النواب لا تقف عند درجة التوظيف الدستورية في الناحية التشريعية والرقابية، بل تتعداه لاستثمار مجلس النواب بما يمكنه من احداث عمق مؤثر فى المشهد العام، فيحقق تاثيرا واسعا، فيعمل على تمثيل الكل الوطني والاتجاهات السياسية فى اطار القبة البرلمانية التي بدورها تهضم هذه التوجهات لتحقق سلامة التاثير، وبما يجعل البرلمان يقوم بدوره البناء فى تشكيل التيارات البرلمانية الحكومية وتاطير عناوين الراي الاخر فى اطار العمل الكتلوي على ان يكون كل ذلك مؤطرا باطار حزبي منهجي وبرامجي، فيقام الى بلورة حالة منظمة في العمل الجماعي والاداء الموضوعي، وهى الصورة التى يراد تكوينها من وحي الارادة، والتي تستوجب وجود منهجية عمل مقرونة بخطة استراتيجية للبناء وليس فقط الوقوف عند تطوير ادوات العمل وتحديث وسائلها، فان تطوير القوانين دون مرجعية منهجية، يبقي حالة ترزخ تحت وطأة الواقعيه من دون تحقيق درجه الاستدامه المستهدفه، فان الاجتهاد بالادوات من دون مرجعية منهجية سيبقي الحال تراوح مكانها وسيبقي المشهد العام يعيش اهواء تغير الاجواء الموضوعية او التغيرات السياسات الحكومية وهذا لن يحقق الفائدة المراد تحقيقها للمشهد العام بالصورة الكلية.
ان الفرصة مواتية للجنة الملكية ان تحدث انطلاقة جديدة، فتحقق منهجية عمل لمنظومة العمل السياسي تقوم على تمكين المؤسسة الحزبية رسميا وشعبيا وتعمل على تجسير وجودها فى الجسم النيابي؛ ما يؤدي الى تكوّن صورة انتخابية في المشهد الانتخابي تعتمد التصويت على البرنامج والنهج وعلى فريق العمل الجماعي، ونبتعد فيها عن الفردية والمناطقية والهويات الفرعية لصالح بناء اجسام سياسية وتيارات حزبية قادرة على استقطاب عناصر وازنة تحقق عناوين الاستجابة المطلوبة للجسم الحزبي وترتقي بطور العمل البرلماني ليكون عند صورة البرلمان السياسي المراد تحقيقها، وهي الصورة التي يراد ترسيمها وتوظيفها المنبثقة عن الرؤية الملكية في الاوراق الملكية، فهل تلتقط اللجنة الملكية اللحظة التاريخيه؟!