الجيش في بلادنا كلية جامعية كبيرة يتخرج فيها آلاف الضباط. ومن هؤلاء اعداد كبيرة تتقاعد وهي لما تزل قادرة على العطاء. وان فيهم من التحق بدورات متقدمة في الادارة والتنظيم وهم في المجمل ذخيرة وطنية لا ينبغي التفريط فيها في معركة التنمية والبناء.. فهذه واحدة.
اما الثانية فان مئات الآلاف من شباب الاردن، في الجامعات والكليات المتوسطة وحتى في المرحلة الثانوية تملك الدولة لان تفيد منهم في زراعة البوادي الاردنية، تحت اشراف اداري من الضباط المتقاعدين، وتنسيق مع وزارة الزراعة ووزارة الشباب، بحيث يكون لكل شاب اردني ستة اشهر عمل في «مزارع الوطن»، لا يُقبل عن ذلك بدل مادي، ولا يختلف فيه اردني عن آخر مهما تفاوتت بهم احوالهم..
ان توجيه هذه الاعداد الغفيرة الى بناء الوطن، وتوكيد صلتهم بالارض الاردنية، سوف يزرع في نفوسهم حب الوطن والانتماء الى ترابه والى تاريخه، فاذا كان ذلك مصحوبا بتوجيه قيمي وتنوير فكري امكن لنا الاطمئنان الى ان اجيالنا الجديدة ستكون قادرة على الدفاع عن الوطن، وعلى تحمل المسؤوليات فيه. كما امكن لنا استنقاذ هذه الاجيال من براثن الضياع والحيرة والتلدد، ومن ان يكونوا عصفا متطايرا في تيارات العولمة، لا يعرفون من هم وماذا يريدون والى اية اهداف يقصدون.
ان لعلماء الاقتصاد في بلادنا ان ينظروا في عوائد مثل هذه الخطة (البسيطة) وان يترجموها ارقاما وبيانات على نحو ما يستطيعون.
وان لعلماء التربية ان يروا الى عوائدها في تحقيق التوازن النفسي لمئات الآلاف من الشباب الأردنيين.
وان لرجال الاعلام ان يتباروا في تصوير اثرها المؤكد في التأسيس للروح الوطنية والانتماء القومي.
وان لعلماء الدين ان يختلفوا الى «مزارع الوطن» هذه، فيزرعوا في نفوس شبابنا، وفي عقولهم الايمان البصير، والتديّن السليم، والخُلُق القويم..
ثم ان لنا بعد ذلك كله ان ننتظر النتائج العظيمة، وان نفاخر بوطن ينهض به أبناؤه، ويكون زينة للناظرين..