في جملة سياسية تحوي مغزى ومعنى ومضمونا عبر جلالة الملك عن صدق ترحيبه بوصول الرئيس جو بايدن الى سدة الرئاسة في البيت الابيض، عندما قال في معهد بروكنغز «في هذه الاوقات الصعبة تزداد الحاجة لصوت امريكا المتزن « وهو الذي يمثله الرئيس جو بايدن ويشكله نهجه القويم، كونه ينتظر ان يعمل بجهد دؤوب من اجل استعادة زخم الشراكة وعناوين المشاركة في المنظومة العالمية، وستجد الولايات المتحدة من الاردن دائما الشريك الاستراتيجي الثابت على العنوان والدور والمكانة التي يمكن ان يعتمد عليها في بناء جملة سياسية تفيد المعنى الامني المراد ترسيمه او تخدم المبنى السياسي المراد تكوينه او تحقق المنفعة الاقتصادية المراد صياغتها من اجل امن المنطقة ومستقبل شعوبها.
هذه المنطقة التي مازالت لا تبحث عن عناوين شراكة بقدر ما تبحث عن منازل سيطرة، وهو ما خلق حالة عدائية مازالت تسيطر على اجوائها، فيما ابتعدت التنافسية السلمية عن مضمون عبارتها والتي كان من المفترض ان تغلف مناخاتها ليتسابق الجميع من اجل الحصول على العلوم المعرفية وليس من اجل امتلاك الاسحلة التقليدية والنووية، حتى تكون المبارزة بين مجتمعات هذه المنطقة قائمة على الابتكارات العلمية التي تحقق فائدة للانسانية والبشرية، بحيث تعمل هذه الاجواء التنافسية لاطلاقه عناوين جديدة للصناعة المعرفية بدلا من ان يبقى يدور حال المنطقة وسط فلك التسابق على امتلاك العلوم الامنية والعسكرية التي لا تخدم سوى عوامل الاحتراز وسياسات فرض مزيد من الضوابط المنهجية، واحيانا الروادع السياسية والتي من شأنها تحقيق اجواء انكماش وجمود، فيما اخذ البعض يبتعد اكثر واكثر ويذهب باتجاه التمترس الانغلاقي بالتفكير ويتمترس حول عقلية القلعة بهدف التحصين ويستخدم العنصرية والارهاب والاثنية والمذهبية لتحقيق عوامل الحماية المزعومة، مع ان هذه الطرق وتلك الوسائل المراد اسقاطها على المشهد في المنطقة كانت قد جربت في السابق ولم تحقق الا درجات من الوهن والضمور، بينما فعلت مناخات الشراكة عكس ذلك عندما حققت نماذجها الاستمرارية والادامة وعناوين الاستدامة.
فمنذ انطلاق الرسالات الانسانية وما زالت كل الاديان حاضرة وكل المذاهب موجودة في منطقة مهد الحضارات على الرغم من كثرة الصراعات وتنامي درجة الارهاصات التي استخدمت بالسابق، لكنها لم تحقق اهداف العيش الآمن لمشروعية القبول التي اساسها الاعتراف بالشراكة من اجل العيش المشترك ومن اجل النماء المنشود.
ان الصراع بهدف تمدد النفوذ لن يحقق الا مزيدا من الدمار ولن يخدم اغراض البقاء والتي لا يخدمها سوى مسارات العيش المشترك والتي تعززها مناخات الشراكة وتعزيز الثقافة المدنية التي تحترم الاديان وعناوين الثقافات الاثنية والمذهبية وتنبذ العنصرية بكل اشكالها، فهي من تشكل اجواء الريبة والتوجس وهي التي ابتعدت بالمنطقة عن مناخات المصالحة والتوافق ومن اجل شراكة حقيقية تسهم في بناء المنظومة العالمية وبما يجعل من منطقة الشرق الاوسط منطقة آمنة جاذبة تستجيب لجمل التوافق والشراكة وتسهم في بناء مرحلة جديدة.
لذا اعتبرت مسالة تصحيح مسارات العمل المعوجة في المنطقة عاملا مهما كونه يخفف من درجة انزلاق مجتمعاتها في غياهب التقسيمات الفرعية وانزلاق مجتمعاتها في اتون التخندق حول الهويات الفرعية؛ لان مآلات ذلك ستكون نتائجها وخيمة على المنطقة ومستقبل العيش فيها، من هنا اعتبرت هذه المسألة مسألة اساسية في تصحيح المسارات والاعوجاج وتقويم منحنياته لتكون عاملة على تعزيز مناخات السلم بين شعوب المنطقة وتعظيم روافع الثقة وتشارك منطقة مهد الحضارات الانسانية في التنمية والنمو من اجل سمو الانسانية وبما يعود بالفائدة على انظمة المنطقة وشعوبها، وهو ما يشكله عنوان القمة التي تجمع رمز الاعتدال في المنطقة مع صوت الاتزان في البيت الابيض.