أيّا كان مخزون اللغة عند أي كاتب أو أديب أو حتى شاعر، لن يجد ما يعبّر عن روعة مشهد جلالة الملك عندما ترجّل من سيارته ليلقي التحية على عدد من أبناء الجالية الأردنية في أميركا ممن تجمعوا لاستقباله في العاصمة الأميركية واشنطن، فهو مشهد أجزم بأنه لم يحدث بتاريخ استقبال أي زعيم في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم.
مشهد تعجز أمامه بلاغة لغتنا العربية، وتقف أقلامنا عن خطّ أحرف كلمات حتما لن تحكي عظمة هذا الموقف، الذي أصر به الأردنيون في الولايات المتحدة الأميركية على الإحتفال والإحتفاء بسيد البلاد، في حين قابلهم جلالته بالإصرار على أيقاف موكبه في أحد شوارع واشنطن مترجلا بخطى ملكية يصاحبه ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، متحدثا معهم، ومهنئهم بعيد الأضحى، ورادا عليهم التحية بروح الأب والأخ والملك، ملك الإنسانية والأخلاق.
حالة نادرة واستثنائية جمعت جلالة الملك في زيارته التاريخية للولايات المتحدة الأميركية، والاستثنائية بكونه أول زعيم عربي يلتقي الرئيس جو بايدن بعد انتخابه، جمعت جلالته بعفوية ودون أي ترتيبات بروتوكولية، أو مواعيد مسبقة مع أبنائه الأردنيين في أميركا، أبنائه الذي حضروا لواشنطن من جميع الأنحاء والولايات الأميركية، ليقولوا «لسيدنا» نحبك وولاؤنا لك وحبنا لك هو زاد غربتهم ومصدر فخرهم أينما حلّوا وذهبوا.
وبكل ود وبكل معاني الحب، أوقف جلالة الملك موكبه مترجلا نحو أبنائه الأردنيين المتجمعين أمام البيت الأبيض، ويسير باتجاههم، بملامح تحمل كل مفردات الحب لأبناء شعبه، وببساطة التعامل بين أفراد الأسرة الواحدة، ودون أي إجراءات رسمية اعتدنا رؤيتها في العلاقات واللقاءات بين القيادات وشعوبها، إذ غابت تماما عن المشهد حيث تقدّم جلالته نحو من قدموا ليقولوا له أهلا بك سيدنا مصدر قوّتنا وفخرنا في الولايات المتحدة، ليبادلهم جلالته ذات المشاعر إن لم يكن أكثر وأكبر، ويقف بينهم ويتحدث معهم بروح الأسرة الواحدة التي لا تعرف في وصف مشاعرها سوى الحب ثم الحب ثم الحبّ.
يمكن حسم القول بأن علاقة الملك بأبناء شعبه لا تشبه أي علاقة، فهي تحمل كنوز محبّة ووفاء وولاء، بين الأردنيين وقائدهم أينما كانوا، ومهما غابوا عن أرض الوطن، ويبقى جلالة الملك الأخ والأب والملك الذي تغيب عن تفاصيل حياته أي أولويات عندما يقف أمام ومع أبناء شعبه، ولم يكن ما رأيناه من جلالته حيال أبناء الجالية الأردنية في الولايات المتحدة بجديد كما لن يكون الأخير، فهو الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي طالما منح أبناء شعبه حبّا لا يشبه سوى ذاته لندرته.