ان العزلة السياسية التي فرضتها سياسة ترامب على الاردن لم تكن استراتيجية امريكية كما لم تعبر يوما عن رأي او موقف الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعي اهمية الاردن. وانما كانت انعكاس لسياسة شخصية وهوجاء انتهجها الرئيس السابق.
وكنا قد أشرنا في مقالات سابقة بعيد نجاح الرئيس الحالي جو بايدن ووصول الديمقراطيين الى سدة الحكم الامريكي بان الاردن سيعاود مكانته الحقيقية وياخذ دوره المحوري في المنطقة سريعا، لفهم الادارة الجديدة لهذا الدور واهميته، وكان لثبات الموقف الأردني وصبره على كل التحديات التي واجهها بحنكة سياسية وتعامله مع قرارات ترامب الظالمة.
وها هو الاردن يعود إلى الملعب لاعبا رئيسيا ومهما في المنطقة والعالم الذي يعي الدور الاردني واهميته في امن واستقرار المنطقة.
ولم ينس العالم ممثلا بالاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بعهدها القائم حاليا، موقف الاردن الذي فتح ابوابه للاجئين السوريين والفلسطينيين والقادمين من العراق في وقت كانت تعج به المنطقة بالحروب والاقتتال الداخلي والاحتلال الإسرائيلي على الرغم من محدودين موارده وشح امكانياته بعد ان غض الكثيرون الطرف عن ذلك واغلقوا حدودهم امام النزوح الإنساني والقسري وبقي الاردن يتحمل هذا الموقف الإنساني وحيدا دون اي مساومة.
ولعبت الزيارة الملكية واللقاءات التي أجراها مع جميع صناع القرار الامريكي وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن الذي عبر واكد اهمية الاردن ودوره الاستراتيجي في المنطقة معبرا عن دعمه المتواصل واللامحدود بعد ان أشار الى ان ما مضى قد فات وولى مما يشير الى ان بايدن كان يدرك حجم الضغوط على المملكة..
ان حجم اللقاءات والترحيب التي لم يحظ بها زعيم قبل الملك عبدالله الثاني تبعث اشارات ورسائل لمن يبصر ويقرأ بان الاردن مستمر بالنهضة رغم كل الظروف والتحديات الخارجية، التي يبدو اننا قطعنا شوطا طويلا بتجاوزها، بعد ان فتح ترامب الباب واسعا وغض الطرف عن جميع محاولات التآمر على الاردن وشعبه عبر وسائل مختلفة وتسريب معلومات للتاثير على موقفه بهدف اضعافه وتشتيت افكاره وجهوده لتمرير صفقة مشبوهة واجباره على تغيير مواقفه..
وعلى الرغم من المؤامرات وتخلي بعض الحلفاء والإصدقاء في وقت كان الاردن بأمس الحاجة للمساعدة والدعم، فان الملك لم يقابل ذلك الا بنهج واسلوب الهاشميين الذين لا يعرفون غير الاحسان والخير بعد ان حمل الهموم العربية وتطلعاتهم ووضعها على الطاولة الأمريكية للنقاش والحوار خاصة القضية الفلسطينية قضية الاردن الأولى، التي اكد جلالته على موقفنا الثابت بأنه لا بد من حل عادل ودائم ولا بديل عن حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، اذا ما ارادت المنطقة ان تنعم بالأمن والسلام.
كما تطرق الملك الى اهمية الاستقرار في سوريا وإيجاد حل سياسي والمحافظة على وحدة الأراضي السورية وانه لا بد من موقف امريكي بهذا الاتجاه.
ولم يغب عن بال الملك ايضا اهمية العراق الشقيق ودوره في المنطقة وضرورة دعم رئيس وزرائها الحالي الكاظمي.
صبر أردني وحكمة سياسية توجت باعادة الاردن الى وضعه ومكانته الطبيعية في المنطقة والعالم، لتؤكد بان النهج والاعتدال والوسطية وعدم التدخل بشؤون الآخرين هي الطريقة الاصلح والابقى على الرغم من كل المراهنات والغوغائيات.