أخر الأخبار
للتذكير.. كورنا لم تنته
للتذكير.. كورنا لم تنته

ظنّ البعض أن كورونا وآثارها السلبية قد انتهت، ومضت في درب النسيان لمجرّد الحصول على اللقاح ضد الفيروس، وانخفاض عدد الاصابات في مرحلة ما؛ ما دفعهم لطيّ صفحة الالتزام والتقيّد بشروط السلامة العامة، بمجاهرة مقلقة وربما خطيرة ضاربين كل التعليمات وحتى الإجراءات بعرض حائط الاستهتار.
ربما هي حالات فردية لكنها للأسف باتت تعدّ بالمئات، وبات المشهد العام تسوده المخالفات أكثر من الالتزام، وفي كثير من الأماكن غدت «الكمامة» استثناء وليس أساسا والتزاما، وكثير من محاذير انتشار الوباء عادت لتمارس كما ما قبل «كورونا»، وغابت المعقمات بشكل كامل عن سلوكيات الكثيرين حتى أن البعض أصبح يستهزىء من مستخدميها، وكثيرة هي المظاهر المقلقة والتي تؤشّر لما هو خطير إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
في واقع الحال، الكورونا لم تنته، بل على العكس ما تزال منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الجائحة موجودة وموجاتها مستمرة وفي تزايد، محذرة من أي استهتار قد يعيد العالم للمربع الأول من مواجهة هذا الوباء، في ظل وجود عدد من المتحوّرات له تظهر بين الحين والآخر، مما يزيد من طين تبعات الجائحة السلبية بِلّة، وتزيد من خطورتها وخطورة انتشارها واتساع رقعة الإصابات بها.
هي حقائق وليست مجرد كلمات تتحدث بها الألسن الطبية والصحية من فراغ علمي، إنما حقائق يجب الأخذ بها على محمل المسؤولية، فالوباء ما يزال موجودا ومنتشرا، ويزداد خطورة نظرا لوجود «متحورات» له، اضافة لما بتنا نشهده مؤخرا من زيادة ملحوظة بعدد الإصابات وعاد عدّادها يتجاوز الألف اصابة يوميا، وبطبيعة الحال وسط كثرة التجاوزات لم تعد هذه الزيادات مستغربة بالمطلق.
حالات الكورونا في تزايد مستمر، وعدد الوفيات كذلك، وباتت عجلة الإنجاز تلتف للخلف بدلا من أن تلتف للأمام في مواجهة الوباء، الأمر الذي استدعى لطلب وزير الصحة من لجنة الوبئة اجتماعا طارئا عقد أمس، وكل ذلك يستدعي العودة لإعادة إحياء مطالبات التقيّد بشروط السلامة العامة، ووضع ضوابط للالتزام بها ومحاسبة كل مستهتر بهذه الشروط والإجراءات، ذلك أن الضرر بعدم الالتزام لا يعود على صاحبه فقط إنما على مجتمع كامل، ففتح القطاعات وعودة الحياة لطبيعتها أو لنصف طبيعتها في واقع الحال فحياة ما بعد كورونا حتما هي نصف حياة، وعودة الطلبة لمدراسهم، وغيرها من المشاهد والتفاصيل الحياتية التي اشتقنا لها، كلّها لا تعني أن الكورونا انتهت، وأن العالم تعافى منها وانتصر في معركته ضدها.
استمرار الاستهتار في شروط السلامة والصحة لمواجهة وباء كورونا على النحو الذي بات منتشرا، أمر مقلق ويحتاج لإجراءات سريعة لضبط ايقاع الالتزام من جديد، فاستمرار هذه الممارسات سيقود لنتائج لن تُحمد عقباها، وللأسف بداياتها باتت تتضح شيئا فشيئا من خلال ارتفاع عدد الإصابات مؤخرا، فلم يعد مقبولا رؤية شخص في مكان عام دون كمامة، كما لم يعد مقبولا غياب المعقمات وعدم استخدامها كما يحدث الآن، كما لم يعد مقبولا رؤية التجمهرات والتجمعات وللأسف دون التقيّد بأيّ من شروط السلامة، لم يعد مقبولا أيّ من هذه التجاوزات التي ستودي عمليا بما تحقق حتى الآن من خطوات ايجابية في مواجهة الوباء لهاوية التراجع.
هي حالة علينا التعامل معها بمسؤولية، من خلال الالتزام بأخذ اللقاح ضد كورونا ذلك أنه للأسف هناك مئات المواطنين، إن لم يكن الآلاف يرفضون أخذه حتى الآن، اضافة للتقيّد بشروط السلامة التي بتنا جميعا نحفظها بحرفيّتها ولم نعد نحتاج من يذكّرنا بها، ولكن مع ذلك «ذكّر» إن نفعت هذه الذكرى التي تحتاج منا اليوم تطبيقها والالتزام بها، لأن كورونا لم تنته وهذه الحقيقة على الجميع ادراكها وعدم تجاهلها أو اغماض أيّ من عينيه عنها.