المفاجأة في قرار الخارجية الأردنية طرد السفير السوري بهجت سليمان لم تكن في طبيعة القرار، الذي اعتبره الكثير من الاردنيين متأخرا كثيرا، وانما في توقيت الخطوة وهو ما لم يتم توضيحه حتى الآن وان اختلف المحللون في تفسير القرار وتبعاته.
لا من خلاف على أن السفير بهجت خالف الاعراف الديبلوماسية وتخطى دوره وأهان الدولة الأردنية ورموزها من وزراء ونواب ومعارضين للنظام السوري. وهو رغم كل التحذيرات السابقة ظل مصرا على تحديه من خلال تعليقاته على مواقع التواصل الاجتماعي واتصالاته باردنيين مؤيدين لنظام دمشق وربما كانت هناك امور اخرى لا نعرفها بمركز صنع القرار الى اعتبار الرجل شخصا غير مرغوب فيه.
وعلى الأرجح فان القرار الأردني موجه نحو شخص السفير باعتبار ان وزير الخارجية ناصر جودة صرح ان دمشق تستطيع تعيين سفير آخر، وان ما حدث لا يعني قطع العلاقات ولا يؤثر في عمل السفارة السورية في عمان. كما ان الاردن لم يعارض تصويت السوريين المقيمين في الأردن في انتخابات الرئاسة السورية داخل حرم السفارة. كما ان الحديث عن فتح مكتب للائتلاف الوطني مبكر بعض الشيء وأن الأردن لن يسلم السفارة لأي طرف كان مهما كانت الظروف.
الأردن يؤكد من خلال الملك والحكومة على ضرورة التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية، وهو بهذا الموقف الثابت يبقي على شعرة معاوية مع دمشق رغم الاتهامات الجائرة من قبل مسؤولين سوريين بأن عمان تدرب معارضين وترسل اسلحة وتسمح بعبور مقاتلين وهو ما لم يتم تأكيده. بل على العكس يسعى الأردن الى حماية حدوده الشمالية والجيش اعترض محاولات اختراق الحدود اكثر من مرة في الاسابيع الماضية. كما ان المتسللين المضبوطين يعرضون على محكمة أمن الدولة وصدرت بحق بعضهم احكام بالحبس.
على العكس فالاردن قلق من تطورات الوضع في محافظة درعا ووصول مقاتلين من حزب الله قريبا من حدوده، كمان ان هناك تقارير صحفية تتحدث عن محاولات داعش دخول درعا والاقتراب من الحدود الأردنية، وكلها احتمالات تثير قلق عمان.
قرار طرد السفير لا يعني تحولا في الموقف الاردني تجاه دمشق، وانما يعبر عن ضيق صدر الأردن بتصرفات السفير غير الديبلوماسية والتصعيد لم يأتِ من عمان. وكل حديث عن تزامن طرد السفير مع بدء تمرينات الأسد المتأهب واعلان رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا عن قرار غربي تزويد المعارضة باسلحة نوعية وتسخين جبهة درعا من خلال عمل عسكري خارجي، كل ذلك هي افتراضات وتكهنات. الأردن يدرك ان تحولات المشهد السوري لا تعني تغييرا كبيرا في التوازن العسكري رغم كل ما يقال عن انتصارات وانجازات النظام مؤخرا. المشهد ما يزال معقدا وخطر الأزمة السورية على الأردن حقيقي وملموس ما يعني ان لا مصلحة لنا الآن في قطع العلاقات او توتيرها.