أخر الأخبار
المبدع الأردني بين تجاهل المغطس وتكريم عيد الاستقلال
المبدع الأردني بين تجاهل المغطس وتكريم عيد الاستقلال

من أفضل التقاليد التي ظهرت في الأردن في السنوات القليلة الماضية حفل تكريم مجموعة من المبدعين الأردنيين في عيد الاستقلال من قبل الملك شخصيا. الجميل والفريد في هذه العملية أن الاختيار في الغالبية العظمى من الحالات يكون موفقا جدا ولرجال ونساء حققوا إنجازات كبيرة وبجهود عظيمة ومعظمهم من الناس العصاميين الذين لم يستفيدوا من موارد استثنائية أو فرص متميزة للإبداع. بلا شك أن من يختار هذه القائمة سنويا هو شخص أو لجنة تعرف تماما ما الذي تقوم به ويمكن أن ننتظر بثقة أن القائمة التي ستعلن في السنة القادمة سوف تتضمن ايضا الكثير من المتميزين الحقيقيين.
مناسبة هذا المقال هو حدث آخر احتل صدارة الأخبار في الأردن والعالم في الايام الماضية وهي زيارة البابا فرانسيس الأول للأردن والتي تضمنت زيارة لموقع عماد السيد المسيح والمعروف بموقع المغطس على ضفاف نهر الأردن. حضر الآلاف هذا الحدث وتم توجيه الدعوات الرسمية للمئات ولكن شخصا واحدا تم تغييبه تماما كما حدث منذ عشر سنوات تقريبا ولكن هذا الشخص هو ببساطة الأردني المتميز الذي تمكن من اكتشاف موقع المغطس ودعم ذلك بالأدلة العلمية والأركيولوجية المطلوبة التي جعلت الفاتيكان يصادق على الموقع الأردني بالرغم من المنافسة الإسرائيلية الشرسة.
بقي الدكتور محمد وهيب غائبا تماما عن مشهد المغطس منذ أكثر من 10 سنوات. عملية اكتشاف موقع المغطس والبحث العلمي المضني الذي رافقها بدأ بدعم من سلطة وادي الأردن ثم وزارة السياحة ولكن الدينامو الحقيقي للعمل منذ العام 1998 كان الدكتور محمد وهيب الذي أمضى ساعات لا تحصى في كشف كل تفاصيل الموقع. خلافات ربما في وجهات النظر حول طريقة إدارة الموقع أبعدت د. وهيب ليس فقط عن موقع المغطس بل عن مواقع القرار او التأثير التي تحتاج لوجود شخص مثله في قطاع السياحة والآثار. آخر وأسوأ تلك السلوكيات كانت وضع يافطة خاصة في موقع المغطس تشير بأن من اكتشف الموقع هو عالم ايطالي جاء في بضع زيارات للمنطقة ولكنه لم يكن مشاركا رئيسيا في عملية الاكتشاف التي تمت بقيادة د. محمد وهيب.
يستحق د. محمد وهيب التكريم ولكن قبل ذلك التقدير الذي يستحقه وهو ليس الحالة الوحيدة في الأردن بل أن هنالك الكثير من الرجال والنساء الذين جمعوا ما بين الشغف الشخصي بقضية ما والمسؤولية الوطنية والقدرة العلمية وكذلك النزاهة الإدارية والخلقية ولكنهم في النهاية وجدوا أنفسهم مبعدين أو مغيبين أو حتى تتم الإساءة لهم .
في الظروف السليمة يجب أن يكون تقدير المبدعين هو القاعدة لا الاستثناء، ولكن من المؤسف أن نضطر للتذكير بالمبدعين الحقيقيين لعل بعض أصحاب القرار ممن يحترمون الإبداع يمكن أن يقدموا لهم التقدير المستحق.