في الاول من ايلول الجاري ودع الاردن الحظر. عادت الحياة وبدأ التعافي، وانقشعت غيمة كورونا السوداء.
ولتكن الصحة للجميع، والاحتفال بالانتصار على كورونا يسجل للانسانية التي الحقت هزيمة مدوية بالوباء وحافظت على كرامة وصحة الانسان، والانسان خاض حروبا مع اوبئة كثيرة وانتصر عليها.
نهاية كورونا، والخلاص الفردي والجماعي، ودخلنا في الاردن العد العكسي ضد كورونا، وايام تتسابق للخروج من كابوس كورونا المرعب، ولتكن كورونا مجرد ذكريات.
لنهاية كورونا فصلان: وبائي وسياسي واقتصادي واجتماعي. وبائيا العلم والمختبر والعقل البشري حسم الامر المعركة باكتشاف اللقاح، وتصنيعه وتوزيعه على دول العالم، ورأينا سباق العلماء ومراكز الابحاث العلمية العالمية وسرعة وصولها الى لقاح طبي ينهي عذابات البشرية، وما يتساقط يوميا من الاف الوفيات.
الخلاص بالعلم والعقل، ولا شيء ثان. تساقطت كل العقائد المركزية والاوهام الكبرى، والاساطير المؤسسة لوعي بشري زائف.. الانسان هش، ونظريات الخلاص عقلانية وعلمية لا غير، وقوة ومركزية الانسان تبين انها حقيقة زائفة ومخادعة، ورأينا كيف تحول الانسان الى كائن محظور وممنوع من الحركة، ومرعوب من فايروس لامرئي.
في معركة كورونا، والعقل العربي انفضح تبين انه استهلاكي وتكراري، مئات مراكز الابحاث العربية من المحيط الى الخليج اغلقت ابوابها خوفا من الفايروس، ولم يفتح باحث ابواب مكتبه ليجري بحثا واستقصاء علميا للوقوف على حقيقة هذه الفايروس الغريب والعجيب.
في جامعات الغرب والصين واليابان اعلنت حالة طوارىء علمية وطبية.. تبارى العلماء في التنافس على انتاج اول لقاح لكورونا، وتطاحنت اخبار اول لقاح منتج ما بين الصين وبريطانيا والمانيا وامريكا.
وفيما عاش العرب متباعدين ومتكارهين، واللهم نفسي.. ولم نر ما فعلت الصين مع دول العالم من تقديم لعون واغاثة ومساعدة طبية. اثرياء العرب ونادي الاغنياء اختفوا وانعزلوا اكثر عن بقية الشعوب المريضة والمتهالكة من كورونا وتداعياتها.
انانية طبقية، وهذا عايشناه في الاردن. اللهم نفسي، وطبقة الاثرياء والاغنياء نسيت ان هناك جماهير من الفقراء ومحدودي الدخل، وفقراء قضمت كورونا حياتهم، وحولتهم من فقراء عاديين الى معدودمين ومحرومين.
في ازمة كورونا تم التكتم على فضائح اجتماعية واخلاقية كبرى. مفهوم العمل الخيري والتكافل الاجتماعي كذبة كبرى، وخدعة يختفي وراءها كثيرون في مواقع تنفيذية ومنتخبة.
اوجاع الاردنيين كبرت، واعتلت اصوات المظالم الاجتماعية والمعيشية. ونعم، قد مرت كورونا، وتم توديع الحظر، واعلنت الحكومة عن اجراءات جديدة. ولكن اظافر كورونا نشبت في اجسادنا وارواحنا وحياتنا من صغيرها الى كبيرها.
وانا اقلب اخبار كورونا افكر فيما بعد اعلان الغاء قانون الدفاع اوامره. افكر في قضايا فقراء كورونا الجدد، وافكر في مليون معسر ومتعثر مالي، وافكر في قضايا المالكين والمستأجرين، وافكر بالاقساط البنيكة وشركات التسهيلات المؤجلة، وافكر في فواتير الكهرباء والماء والانترنت، وافكر في عودة مئات الاف الى السجون ويتحولون بكبسة زر مطلوبين الى القضاء.
كورونا رحل عنها وجهها الوبائي المؤلم والموجع لاجساد الناس من مصابين ومتعافين، وبقى الوجه الاخطر والالعن انه عيش الناس وكرامتهم، ولقمة العيش وقوت يومهم، والوظيفة وايجار البيت، والاقساط الشهرية، وعودة المرابين ليطاردوا في المحاكم ومراكز الشرطة ملايين الاردنيين المتعثرين.
خوفي ان الحكومة تعتقد ان كورونا قد انتهت ورحلت.. وخوفي ان تستمر سياسة الانكار، واخفاء الحقائق الاقتصادية والاجتماعية، وان تتحول كورونا وتوابعها من سؤال وبائي واجتماعي الى سياسي حرج في زوايا راهن اردني صعب ومعقد ومثقل بالملفات الشائكة والمرحلة.