في طلته هيبة أنيقة تتزيّن بالشماغ الأردني الذي يحرص في أغلب جولاته على ارتدائه فخرا وعزّة، وفي جولاته حرص غاية في الذكاء على أن تحمل رسائل هامة تستهدف مواقع وأماكن في زيارتها ألف معنى ومعنى، وآلاف الرسائل والدروس، التي تجعل من هذه الجولات والزيارات حالة وليست مجرد زيارات عابرة للوقت، هو حرص ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني أمير القلوب على جعل متابعاته المبنية دوما على رؤى وتوجيهات جلالة الملك ليست عادية إنما هامة ومؤثّرة.
سمو ولي العهد الشاب أنيق الحضور والفكر والسلوك، يعرف ماذا يريد ويذهب له بكل عزيمة وبكل وعي، وبكل هدوء، يصل للمواطنين كافة اينما كانوا في مواقعهم بزيارات تغيب بها الترتيبات التي يمكن أن تمنع أحدا من ايصال صوته لسموه، يقترب من الشباب قربا حقيقيا مستمعا لهم، على شكل حوار ليسمعهم ويسمعوه، لتشكل هذه اللقاءات نقشا مميزا على جدارية الوطن، وصورة حقيقية لبناء جيل الشباب بناة المستقبل والاستفادة منهم، وتقديم الفائدة لهم.
بالأمس، وخلال زيارة سمو ولي العهد لمدينة السلط، تجسدت مزايا لا يمكن حصرها بحجم الرسائل التي حملتها الزيارة، التي تعني محطات زيارتها الكثير من المعاني، ففي زيارة سموه لمدرسة السلط الثانوية للبنين التي تعد أول مدرسة ثانوية حكومية شيدت في إمارة شرق الأردن عام 1923، وتجواله في مرافقها، ناقلا بذلك سموه رسالة بأهمية التعليم وأهمية المدرسة التي اقترن اسمها بتأسيس الدولة الأردنية وعراقتها، والوطن يدخل مئويته الثانية ليقول سموه بأن هذه المدرسة تحمل مضمون علم وفكر، وليؤكد سموه أنها إحدى معالم السلط الهامة، وغيرها من الرسائل التي تؤكد أن هذه الزيارة سلّطت ضوء الاهتمام والفخر على مدرسة بحجم أجيال من المفكرين والسياسيين والوزراء والقادة، مدرسة ساهمت في بناء الوطن.
وفي حديث سموه مع عدد من شباب وشابات مدينة السلط، هنأ الحضور، بمناسبة إدراج مدينة السلط ضمن قائمة التراث العالمي، ليوجه رسالة أخرى للاهتمام بالسياحة واستثمار هذا الانجاز العالمي لصالح مدينة أصبحت اليوم وجهة سياحية عالمية، وتوجيه بوصلة الاهتمام لها، ففي إشارة سموه للمدينة وأهميتها السياحية دلالات غاية في الاهمية سياحيا واقتصاديا واجتماعيا، والالتفات لها بشكل عملي لتعزيز الانجاز على السلط هذه المدينة التي تضيف للسياحة العالمية وليس العكس، لبهائها وشموخها.
واستمع سموه خلال الزيارة للشباب في لقاء جمعه بهم، بأجواء وديّة مريحة حملت الكثير من الأفكار والابداعات والمشاريع والانجازات، واضعين أمام سموه احتياجاتهم وكذلك انجازاتهم، ليشكّل اللقاء حالة حوارية ثريّة، تغني عن آلاف الدراسات والخطط التي وضعت للشباب، ولم تعط نتائج ملموسة على واقع الشباب، لما اتسمت به من عمق فكري وحوار ناضج وآراء متبادلة بكل شفافية.
كما أشّرت زيارة سموه لمنزل الوزير الأسبق الدكتور عبدالرزاق النسور في مدينة السلط، للمسات انسانية راقية، وبعد هام لتقدير أصحاب الخبرة ومن كان يدا بنت هذا الوطن الذي تبدأ به قصص حبّنا، ولغة اصرارنا وعشقنا للحياة والعمل، ففي تقدير شخصيات وطنية رسائل هامة تعكس الإهتمام بهم وجعلهم دوما عنوان عطاء.
زيارة ولي العهد للسلط أمس لا يمكن قراءتها قراءة سريعة، والمرور عنها بشكل عادي، فهي زيارة تجاوزت وصف المهم، فقد وصلت للأهم، فقد حملت ثراء في تفاصيل كثيرة بكل المحطات التي تضمنتها الزيارة، ليكون يوم الأمس سلطيا بامتياز.