أخر الأخبار
الرئيس الداخل والرئيس المنتهي!
الرئيس الداخل والرئيس المنتهي!

لا نعرف ما هي المسطرة التي يقيس بها مراقبو الوحدة الاوروبية لانتخابات مصر الاخيرة أو أية انتخابات في هذه المنطقة.. كالقول مثلاً أن التمديد ليوم ثالث هو نوع من المسّ الدستوري, أو أن اقبال الناخبين الشباب كان اقل من المتوقع, أو أن نسبة الامية (36%) تبرز في صناديق الاماكن الريفية!! ومع ذلك فهم يقبلون شفافية التعامل الحكومي واجهزة اعلامه في العملية الانتخابية!
والكلام كثير لكنه يصب في النهاية لمصلحة التشكيك في المرحلة المقبلة والرئيس المقبل, ويبرر المعارضة العنيفة ويقترب من تبرير اغتيال 870 ضابط جيش وشرطة وافراد!! ويبرر تحويل الجامعات الى مسارح شغب وتدمير!!
-فلماذا يكون التمديد ليوم ثالث خطأ والهيئة المشرفة على الانتخابات وعلى مراكز الاقتراع مؤلفة من قضاة؟؟
-وكيف احصى المراقبون (50 مراقبا) أو العاملون في اجهزة الاعلام (بضعة مئات) عدد الناخبين الشباب لتكون النسبة اقل أو أكثر.. وعلى أي مقياس؟؟ ثم لماذا يجب أن نقف امام عدد الاميين الناخبين (36%) ولا نقف امام النسبة القريبة منها في انتخابات اكبر ديمقراطية في عالمنا: الهند؟
إننا نكبر سلوك مرشح الرئاسة حمدين صباحي الذي قرر دون حجج مضللة قبول النتائج وهي الى حد ما مهينة لجهده لان عدد الاصوات التي حاز عليها اقل من مليون واقل من الاصوات الملغاة (8ر1 مليون) صوت بحيث نقبل ولو على سبيل النكتة المصرية ان صباحي كان الثالث في قائمة الاصوات مع ان المرشحين اثنان فقط.
ليس المهم ان يكون السيسي جاء من خلفية عسكرية وان الاخوان يفتون بعدم شرعية كل شيء بعد 30 يونيو، او ضآلة حجم المسابقة بين السيسي وصباحي، المهم هو الحفاظ على الديمقراطية الخداج، والتخفيف من اوجاع المصريين نتيجة ثلاث سنوات من القلق والفوضى والانحدار الاقتصادي والمعاشي والبطالة وتفشي العشوائيات حول المدن الكبرى.
بعد ديكتاتوريات ناهزت نصف القرن من الطبيعي ان تكون البنية السياسية والحزبية هشّة، وان يقبل فيها الحزب القوي مبدأ المشاركة مع الاحزاب، وهي في هذه المرحلة كثيرة وضعيفة، فالاستقواء بالصندوق قد يكون مقبولاً في دولة كفرنسا او بريطانيا, لكنه غير مقبول في بلد له مواصفات بلدان المنطقة من حيث التجارب المحدودة, وقيم الحرية غير الواضحة, والمجالس المنتخبة التي تخرج عن مهمتها ودورها في العملية الديمقراطية!
والواضح حتى الان ان عبدالفتاح السيسي سيأخذ ضعف الاصوات التي حاز عليها «الرئيس الوحيد المنتخب في تاريخ مصر»!! وقد يكون هذا غير مقنع للاخوان, لكن مع ذلك فمرسي لم يكن رئيساً ناجحاً لانه يتعامل مع «الاهل والعشيرة» ويتلقى تعليمات مرشد غير منتخب, وبالمقابل فإن السيسي هو غير عبدالناصر وغير محمد علي باشا.. فكل هو ابن مرحلته وظروفه. والحكم النهائي على الرئيس أصبح حكماً متواضعاً.. وهو خروجه من قصره الرسمي الى بيته بعد انتهاء رئاسته, اذا كان له بيت.
فجاك شيراك خرج من الاليزيه الى شقة طالب لبناني والده كان مليونيراً. وقبل ايام غادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان القصر الجمهوري الى قريته عمشيت الى بيت والده. فرؤساؤنا لا ينزل واحدهم عن السرج الا ميتاً او مقتولاً او هارباً في المنافي. فلم يعد المهم انجازاته اثناء حكمه الطويل.. فالنهاية هي الكارثة حيث تنتهي البلد الى اللادولة.. كليبيا والعراق وسوريا!!
ونستطيع ان نقول أن الرئيس الافضل هو الرئيس الذي يذهب الى بيته بسلام بعد انتهاء مدة ولايته.. كما دخل قصر الحكم بسلام لدى انتخابه!