أخذ البعض على الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر ضعف الإقبال على المشاركة في التصويت، إذ بلغت النسبة 48%، وكان أعلى رقم سجل سابقاً هو 52%. ضعف الإقبال ليس بالضرورة استجابة للدعوة الإخوانية للمقاطعة، فهناك أسباب موضوعية أدت إلى ذلك:
أول هـذه الأسباب إن كثيرين اعتقدوا بحق أن النتيجة محسومة سلفاً، فلماذا يتجشمون عناء الوقوف في الطابور لتسجيل موقف لن يغير شيئاً.
وثاني هذه الأسباب أن نحو ثمانية ملايين مصري يعملون في الخارج، ولم يستطع أن يدلي بصوته منهم إلا أقل القليل لأسباب لوجستية.
وثالث هذه الأسباب أن نحو خمسة ملايين مواطن مصري ممن سموا بالوافدين، أي المسجلين كناخبين في محافظة ما ولكنهم موجودون ويعملون في محافظة أخرى، ولم تنقل أسماؤهم إلى الموقع الجديد.
ورابع هذه الأسباب خوف البعض من التعرض للأذى واحتمال حدوث أعمال عنف أو تفجيرات يقوم بها الإخوان أو حلفاؤهم، فآثروا السلامة بالبقاء في بيوتهم.
وخامس هذه الأسباب موجة الحر الذي لا يطاق، فقد كانت درجة الحرارة تتراوح بين 40 إلى 45 درجة مئوية.
هذه الانتخابات كانت منافسة بين عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي أي بين الحسن والأحسن، في حين كانت الانتخابات السابقة التي جرت في 2012 بين محمد مرسي وأحمد شفيق بين السيئ والأسوا!.
في هذه الانتخابات أعطى الناخب المصري صوته لمن يريده أن يفوز، وفي الانتخابات السابقة أعطى الناخب صوته بالاتجاه المعاكس أي لإسقاط من لا يريده أن يفوز. بعض الذين أعطوا أصواتهم لمرسي كان هدفهم الاول إسقاط أحمد شفيق الذي يمثل النظام السابق، والذين أعطوا أصواتهم لشفيق كان هدف بعضهم إسقاط مرشح الإخوان. بعبارة أخرى فإن الانتخابات الأخيرة كانت إيجابية السؤال فيها: من تحب أكثر، أما الانتخابات السابقة فكانت سلبية السؤال فيها من تكره أكثر.
من حسن التدبير أن الانتخابات الاخيرة خضعت لأوسع مراقبة محلية وعربية ودولية، ما أضفى على نتائجها شرعية لا تحتمل الطعن، علماً بأن المراقبين سجلوا مخالفات وتجاوزات وصفوها بأنها بسيطة ولا تؤثر على سير المعركة الانتخابية أو نتائجها. ويشمل ذلك هيئة مراقبي الاتحاد الأوروبي، ومجموعة المراقبة التي تمثل الجامعة العربية، ومنظمات المجتمع المدني، والصحافة العالمية. وقد أجمعت على نزاهة الانتخابات.