أخر الأخبار
دعم الأحزاب السياسية الشاملة لذوي الإعاقة.. واجب واطني
دعم الأحزاب السياسية الشاملة لذوي الإعاقة.. واجب واطني

تلعب الأحزاب السياسية دورًا مهمًا في تجميع المصالح العامة وتمثيلها، وتشكيل الأجندات السياسية، وتطوير السياسات والبرامج الحكومية، وهي وسيلة للتنافس على السلطة وكسب الحق في الحكم من خلال انتخابات سلمية تجعل الأحزاب أكثر قدرة على المنافسة عندما تفسح المجال لأصوات متنوعة داخل منظماتها لممارسة صنع السياسات واتخاذ القرارات بشكل أكثر شمولية، والتي ستساعد في بناء قاعدة أوسع من الدعم والحفاظ عليها وكسب ثقة المواطنين.

إن مساعدة الأحزاب السياسية على تبني ممارسات لزيادة شمولية المجتمعات المهمشة تقليديا أو الممثلة تمثيلا ناقصاً يسمح للأحزاب التي تتمتع بالمصداقية للتحدث والتصرف نيابة عن تلك المكونات بجذب ناخبين جدد، لا سيما ذوو الإعاقة المعرضون لخطر التخلف عن الركب أكثر.

وعلى الرغم من أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة المنتخبين لشغل مناصب أو الذين يشغلون مناصب قيادية داخل الأحزاب السياسية في العالم لا يزال منخفضًا، وعلى الرغم من أنهم يشكلون 15 إلى 20 بالمائة من سكان العالم، فهناك من يدعم أحزابًا تتبنى إمكانية وصول ذوي الإعاقة وتضمين أصواتهم المتنوعة وتضخيم نفوذهم السياسي والعمل نحو عمليات حوكمة أكثر شمولاً لهم عند تطوير أولويات الأحزاب السياسية؛ مما يزيد من فرص نجاحها.

المشاركة السياسية هي نشاط شخص أو مجموعة من الناس للمشاركة بالأنشطة السياسية كشكل من أشكال الانفتاح الديمقراطي، وهي نشاط المواطن العادي في التأثير على عملية صنع السياسات العامة وتنفيذها وتحديد القيادات الحكومية، والتأثير على قرارات الحكومة، حيث تشمل تقديم النقد، وتصحيح تنفيذ سياسة عامة، ودعم أو معارضة بعض قادة المرشحين.

تعد المشاركة السياسية بعدًا مهمًا لتحديد السلوك السياسي للأفراد؛ كما أنها أحد المحاور الرئيسية في مجال اهتمام العلوم السياسية والعلوم الاجتماعية وعلم النفس السياسي، وتتفق الدراسات والآراء على تأكيد الدور الإيجابي للفرد في الحياة السياسية من خلال حقه في الترشح أو التصويت في الانتخابات، أو إبداء الاهتمام بالقضايا السياسية ومناقشتها مع الآخرين، أو العضوية في المنظمات.. إلخ، حيث إن المشاركة السياسية محاولة للتأثير على صناع القرار، وهي ركيزة أساسية للديمقراطية؛ لأنها تعني ممارسة الناس لحقهم في حكم أنفسهم.

إن فرصة المشاركة في الحياة السياسية- بما في ذلك ذوو الإعاقة- سواء من خلال الترشح لمنصب منتخب أو الانضمام إلى حزب سياسي أو صناعة الأخبار السياسية في وسائل الإعلام، راسخة بقوة في القانون الدولي المنصوص عليه في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة (CRPD) في المادة رقم (29) من الفقرة (أ) والتي منها: التعهد بكفالة إمكانية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة فعالة وكاملة في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة مع الآخرين، و حقهم في الترشح للانتخابات والتقلد الفعلي للمناصب وأداء جميع المهام العامة في الحكومة على شتى المستويات.أما الفقرة (ب) فمنها ما ينص على: عمل الدول الاطراف على نحو فعال من أجل تهيئة بيئة يتسنى فيها للأشخاص ذوي الإعاقة المشاركة الفعلية والكاملة في تسيير الشؤون العامة، دون تمييز وعلى قدم المساواة مع الآخرين، وتشجع مشاركتهم في المنظمات والرابطات غير الحكومية المعنية بحياة البلد العامة والسياسية، بما في ذلك أنشطة الأحزاب السياسية وإدارة شؤونها.

هناك شبه إجماع بين الباحثين على أن صيغ المشاركة السياسية التي تسهم في التصويت في الانتخابات، والانتماء الحزبي، والعضوية في المنظمات السياسية ترتبط بآليات العلاقة بين ممارسات الدولة والمجتمع المدني وطبيعة الممارسة السياسية السائدة، والتي تضفي على المشاركة الطابع المؤسسي؛ مما يجعل الدور الأساسي للدولة هو تشجيع المشاركة أو تثبيطها.

إنّ التصديق على الاتفاقيات الدولية لحقوق ذوي الإعاقة لا يكفي في حد ذاته لضمان تمتعهم بجميع حقوقهم في جميع المجالات، إذ لا بد من إزالة جميع الحواجز القانونية والمادية التي تمنع ذوي الإعاقة من ممارسة حقهم في المشاركة في الحياة السياسية والعامة على حد سواء.

وتجدرالإشارة هنا إلى أن خبراء حقوق الإنسان قد دعوا إلى العمل من أجل ضمان مشاركة ذوي الإعاقة في الحياة السياسية من خلال إدخال إصلاحات قانونية وتغيير الفكر السائد عنهم، واعتبارهم مواطنين متساوين قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم، وأنّ حق المشاركة السياسية على قدم المساواة لذوي الإعاقة يقع في صميم الديمقراطية.

وتظهر مؤشرات حقوق الإنسان أن الحواجز القانونية والإدارية، والعمليات والمعلومات التي يتعذر الوصول إليها، ونقص الوعي بالحقوق السياسية يمكن أن تحرم ذوي الإعاقة من فرصة المشاركة في الحياة السياسية لمجتمعاتهم. فالانتخابات البرلمانية في أية دولة هي لحظة مناسبة لدراسة كيف أن الأحكام القانونية والسياسية والإدارية الوطنية ذات الصلة تشجع المشاركة السياسية لذوي الإعاقة أو تمنعها.

تستخدم معظم دول العالم الانتخابات كوسيلة للديمقراطية، والتي تميل إلى أن يكون لديها مجتمع غير متجانس، إذ يجب على جميع الأحزاب أن تستوعب الجميع من خلال الانتخابات العامة، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، وما يريدون ويطمحون لتحقيق حياة أفضل. ويعتبر الوعي السياسي للمواطنين عاملاً حاسماً في المشاركة السياسية لذوي الإعاقة، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بالمعرفة والوعي بحقوقهم وواجباتهم والإرادة للوصول إلى إعمال حقوقهم كمواطنين، حيث يصبح ذلك مقياسَ ومستوى الشخص المنخرط في عملية المشاركة السياسية.

هناك نقص واضح في الدعم المادي والمعنوي لذوي الإعاقة في أنشطتهم السياسية والاجتماعية وهناك جانب إهمال للتسويق والإعلام للنشاط السياسي والاجتماعي والثقافي من قبل المختصين في شؤون ذوي الإعاقة وخاصة المؤسسات الحكومية المعنية برعاية ذوي الإعاقة. فعندما يشتمل النظام السياسي على فرصٍ متساوية لذوي الإعاقة للمشاركة في الديمقراطية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الدافع والتفاؤل لديهم للمشاركة في السياسة ودعم تنفيذ الديمقراطية، وبالتالي التأسيس لعمل حزبي جاد برؤية إصلاحية متجددة تضمن النفاذ إلى المواد الضرورية والمشاركة في النشاطات المتعلقة بالحملات الانتخابية كافة، وبالتالي تشكيل أحزاب أكثر شمولية تجذب -على الأرجح- أكبر اهتمام، حيث يتمتع ذوو الإعاقة بمنظور فريد تفتقده حالياً أغلب الأحزاب السياسية.

إن فرصة مشاركة ذوي الإعاقة في الترشح للمناصب السياسية كافة مهمة بلا شك؛ لأن هذا سيكون نموذجًا لذوي الإعاقة الذين يترددون في المشاركة السياسية.