أخر الأخبار
عمان وبيروت.. وهل هي بداية عربية؟
عمان وبيروت.. وهل هي بداية عربية؟

تابعت خبر زيارة رئيس الحكومة الدكتور بشر الخصاونة وفريق وزاري الى بيروت، واجراء لقاءات واجتماعات مع مسؤولين لبنانين، ومناقشة ملفي: تزويد لبنان بالغاز المصري وايصال الكهرباء الاردنية الى لبنان، وقضايا وملفات اقتصادية وسياسية.

لبنان بلد منكوب بازمات متراكمة ومستجدة. وليس بوسع اي عربي يقدر ويفهم التاريخ بان لا يهتز ضميره جراء ما يواجه لبنان اليوم.. ازمة في الكهرباء والوقود، وانهيار اقتصادي، وشح بالعملة والدولار، وحصار مقيت غير معلن على اللبنانيين، وشعب فقد الثقة بالمستقبل والمصير.

وما كان لبنان بلدا طارئا على الخريطة العربية. وفي السياسة والثقافة والاقتصاد العربية لعب لبنان ادورا اكبر من حجمه. ولا يمكن كتابة تاريخ العرب دون الاطلال الطويل والعميق على دور لبنان السياسي والثقافي والادبي والابداعي، وحركة التنوير والابداع التي احضنتها بيروت، وانطلق وهجها الى بلاد العرب.

بيروت لم تكن مجرد عاصمة ومدينة جميلة وساحرة وخلابة على شواطيء البحر المتوسط. بل هي مرآة للعالم العربي وتفاعلات صراعاته وافكاره واحلامه ونكاساته وانتصارته، وبوتقة لتفاعل وانصهار، ودور وظيفي اعطى لبنان وزنا مميزا خاصا، وفي احيان كثيرة دفعها ذلك فواتير باهظة ومكلفة.

الاردن من اول الدول العربية التي مدت يد العون الى لبنان، وفي انفجار مرفأ بيروت وحرائق الغابات اللبنانية في الشمال والبقاع والساحل، هرع الاردن الى نجدة واغاثة ومساعدة الاخوة اللبنانيين، ولتجاوز المحن المتعاقبة وتضميد لبنان المجروح والحزين اليوم.

والخطوة الاردنية / الاقليمية العربية الاخيرة، استراتجية وحيوية.. والتي يشارك بها اربعة دول عربية: الاردن ومصر وسورية ولبنان، والتباحث بالاتفاق نحو حل مشكلة الطاقة في لبنان وتزويده في الغاز المصري والكهرباء الاردنية، والاتفاق على تسهيل الخدمات اللوجيتسية والامنية لمرور الغاز والكهرباء عبر الاراضي السورية.

وبذات القدر السياسي فان زيارة رئيس الحكومة الاردنية تعتبر بمثابة اعلان خروج لبنان من عزلته، وقد جاءت بعد ولادة عسيرة لحكومة في لبنان، وما قد يحمل من انفراج سياسي واقتصادي، وامال جديدة قد تندفع وتبرز في الازمة اللبنانية باتجاهات سياسية واقتصادية شتى.

وما يحمل على الحزن اتجاه لبنان وغيرها من عواصم العرب التاريخية، وما اسميها ايضا بالحواضن العربية الكبرى. خبر بيروت ودمشق وبغداد وتونس يوجع اي عربي قارىء للتاريخ، واي عربي يحس بان قوميته مجروحة ومهانة، واي عربي يفهم ماذا يعني وطن، وماذا يعني التحدي والصمود والمقاومة، وماذا يعني الاحتلال والاستعمار، وماذا يريد الاجنبي والغازي من بلادنا؟.

بيروت عنقاء المدن.. تموت وتحيى مرة اخرى من رمادها، وتحلق عاليا من فضاءات شاهقة على الزواحف. هي امثولة عربية ومتوسطية للتحدي والصمود والاستجابة. المؤرخ ارنولد توبيني في قرءاته للتاريخ القديم بدأ من اطلال قرطاج حتى اعمدة بعلبك وسد مأرب.

«عمان في القلب» و»أردن ارض العزم» هكذا انشد الشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل وغنت فيروز ذات يوم.

ورغم ان «سعيد عقل مسكون» في دعوات الانعزالية اللبنانية، ولكن لامس ان ثمة فارق في حقائق وجودية في السياسة، وحدها دفعته كشاعر ليقول اجمل ما كتب في عمان والاردن.

واليوم، ليس الاردن وحده، مدعو ان يزن لبنان وينفتح في العلاقات السياسية والاقتصادية، وان ينهج نحو سياسة تخلص لبنان ودول المشرق العربي المنكوب بازماته وحروبه ومشاريع التقسييم والتصفية.

وتكاد تكون محنة لبنان درسا عربيا. وكيف رفع وتخلى «حلفاء واصدقاء» في الشرق والغرب عن لبنان رغم ما يواجه من انهيار اقتصادي وكارثة انفجار المرفأ.. وكما يبدو فان اللبنانيين معنين اكثر بالاجابة عن سؤال من هو الصديق والحليف الحقيقي للبنان وعكس ذلك؟.