عودة الطلاب للجامعات كانت مناسبة لعودة الحياة للمؤسسات التعليمية، وبرغم ان التزام الطلبة بالبتباعد قليل، إلّا أن وجودهم بالجامعة مهم، ومع أن البعض من اعضاء هيئة التدريس يتذرع باسباب واهية ويطلب من جامعته تأمين لابتوب له، متناسيا أنه درس طيلة خمس فصول عن بعد، فهذه مشكلة، فهو إما أنه لم يكن يدرس او يدخل للمحاضرات لدقائق من هاتفه فقط .
البعض من المدرسين يُحضر جهاز كمبيوتر خاصا به، صحيح انه غير حديث أحيانا، لكنه يؤدي الغرض، وقد يأتي بلابتوب ابنه، وعموماً اي موبايل حديث ونوعية ممتاز يعادل سعر جهازي لا بتوب معقولي الكفاءة والسرعة، مع ذلك هناك مشكلة عند اعضاء هيئة التدريس ممن يربطون تأدية واجبهم بتوفير الجامعة لهم احدث الأجهزة، ولا يسعون لتقصير الطريق في مواجهة التحديات.
صحيح أن الجامعات وجدت نفسها في ظل جائحة كورونا أما تحد تقني، وهي لم تحدث اجهزة اعضاء هيئة التدريس فيها، ولم تطور قاعاتها كما يجب ولم تستثمر في العامين منصرمين من غياب الطلبة، كما انها لم تحدث بينتها كما يجب ولجأ كثير من الرؤساء لاسلوب التوفير في النفقات أملاً بارضاء مجالس أمنائهم وهو اسلوب بائس وغبي، وهو نهج يمارسه كثير من رؤساء الجامعات للأسف فيفورون في النفقات المهمة وتصبح قاعاتهم بلا كمبيوترات ولا اجهزة حديثة.
للجامعات ان تبادر أيضاً وتدعم تطوير قدرات اساتذتها التقنية، بتدريبهم أولا على احدث المنصات، وان تجبر الاستاذ على امتلاك جهاز لابتوب جيد كل عامين وان تخصم ثمنه من رواتبه بشكل اقساط، وان تحصر معاملاتها رقميا.
يجب التفكير بجدية كبيرة بان التعلم عن بعد هو جزء من خيار مستقبل البقاء للجامعات في العالم المنتمي للعصر القادم عصر الذكاء والتقانة الفائقة.
تقول التقارير الدولية ان التعلم الوجاهي في الجامعات المرموقة سيكون للأغنياء وأن التعلم عن بعد سيكون فرصة مُثلى للفقراء، سيوفر الكثير من المصاريف على الأهل والطالب.
إن التكنولوجيا العالية الجودة والعناية بها، يمكن ان تكون بديلا لمعضلة تعيين الاساتذة الاكفاء، ويمكن ان يتيح ذلك للجامعات قبول طلاب اكثر خاصة في الدراسات العليا، إذ يمكن لاستاذ ان يحاضر بطلابه خاصة في العلوم الاجتماعية، من مدن ودول مختلفة وهو في مكتبه، ويطلع معهم على الواجبات والتقارير وبتفاعل معهم بشكل جدي .
في مقابل الاساتذة الأكفاء والبحث عنهم علينا التفكير بخارطة الاساتذة في راهنياً في كثير من الجامعات، ويجب فكفكة مغاليقها ودفعها للتفاعل الايجابي، وهي تقدم اكثر من صورة عنهم، فبعض الأساتذة يطلب من جامعته علاوة لا تتجاوز عشرين دينارا ولا يكلف نفسه البذل من جيبه أي مبلغ ولو شراء عظمة الكمبيوتر لفيش الكهرباء، والبعض يبذل الكثير ويجلب التبرعات، والبعض غير معني بشيء له علاقة في جامعته، ويراها بقرة حلوبا بالنسبة إليه، والبعض محتار هل هو في وطنه كي يبذل شي من طاقته أم لا، وينتظر الهجرة، والبعض يربط كل جهد برضى الرئيس ولا يمكن له ان يختلف معه او ينبس ببنت شفة. هذا للأسف واقع في كثير من الجامعات.
أما أن نَقبل في المتطلبات الجامعية مئات الطلبة، فهذا امر غير مجدٍ، فبعض الجامعات تضع اكثر من 500 طالب في الشعبة الواحدة، وهذا خيار كارثي، لذلك يجب التفكير بمحاضرات رقمية تفاعلية ومنصات وسرعات انترنت مضمونة دون الخوف من الانفاق المالي على تحديث البنبة الرقمية والتقنية، فمن ينفق اكثر يربح أكثر.
سيزداد العبء المادي في التعليم على أولياء الأمور في المستقبل، والرقمنة والدراسة عن بعد ستخفف منه، واما الجامعات العلمية والبحوث والتصنيفات فهي امام خيارات جديدة ويجب ان تتغير وللحديث عنها بقية.التعلم عن بعد ومعضلة الأساتذة والتقانة