اقل من خمسة وأربعين يوماً تفصل الليبيين عن موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في الرابع والعشرين من كانون اول ديسمبر القادم وسط غياب كامل للإجراءات والخطوات التي يمكن ان تعزز الثقة في امكانية اجرائها، وتصاعد الخلافات بين القوى السياسية في مناطق الغرب الليبي الذي تتنازعه المليشيات والقوى المستفيدة من غياب وجود سلطة مركزية قوية تعيد بناء وترتيب الاوضاع الداخلية في ليبيا وتفرض سيطرة الدولة على مؤسسات الحكم والثروات.
في انتظار وضوح رؤية خارطة طريق الانتخابات تتسارع اللقاءات الدولية لمحاولة إنجاح اجرائها وسط ضبابية مطلقة وانعدام تحقيق شروط الحد الادنى التي تسمح بذلك في ظل رفض قوى دولية لها وجود عسكري ومرتزقة في الساحة الليبية القبول ببدء اخراجهم وتجاهل كل التفاهمات والقرارات التي اتخذت في الغرض.
في العاصمة الفرنسية باريس تحاول الاطراف الاقليمية والدولية المعنية بإيجاد مخرج للازمة الجري في سباق مع الزمن للدفع باتجاه اجراء الانتخابات في موعدها وسط رفض مليشيات متعددة لذلك واستبعاد رحيل القوات والمليشيات الاجنبية في اسرع وقت، اجتماع باريس سيكون المحدد لنجاح أو فشل الارادة الدولية في فرض اعادة الامن والاستقرار في ليبيا بعد عشر سنوات عجزت فيها الارادة الدولية عن تحقيق ذلك، خاصة والكثير من الاطراف ما زالت تعتبر أن لديها فرصة للاستمرار في حصاد نتائج سياساتها على الاراضي الليبية في غياب وحدة موقف دولي يساهم في اخراج المرتزقة والقوات الاجنبية منها، وبدء تحقيق خطوات بناء الثقة للوصول نحو استعادة ليبيا لوحدتها السياسية وبناء دولة على اسس حديثة.
الرهان الدولي على اعتبار انجاز الانتخابات في موعدها المقرر يفتح الباب لاشتباك سياسي بين اطراف اقليمية ودولية وقوده المليشيات والمرتزقة الاجانب على الاراضي الليبية، في ظل غياب قدرة الفعل الدولي الذي يمكن ان يشكل تهديدا للقوى التي ستعرقل انجازها جراء العجز عن فرض عقوبات عليها او محاولات مجلس الامن اتخاذ مواقف يمكن ان تعتبر بمثابة اعلان جدي يجبرها على اعادة ترتيب حساباتها مخافة فرض عقوبات دولية فاعلة بحسب البند السابع لميثاق الامم المتحدة وليست عقوبات لا معنى لها على الارض لا تثير مخاوف من يحاولون عرقلة الانتخابات.
الفشل الذي رافق تعاطي الفرقاء الليبيين وعجزهم عن التقدم نحو صياغة تفاهمات داخلية بينهم بعيداً عن التدخل الخارجي زاد من تعميق الأزمة بينهم وساهم في ايجاد فراغات استغلها من يعتبرون انتهاءها خسارة استراتيجية لهم وخروجاً من الساحة الليبية وعرقلة لمشاريع ومخططات يحاولون تمريرها لتكون بوابتهم باتجاه افريقيا.
دول الجوار الليبي معنية أساساً بعودة الاستقرار ووجود دولة قوية قادرة على فرض سيادتها وسيطرتها على اراضيها تحاول رغم الشكوك بإمكانية إجراء الانتخابات في موعدها والمخاوف من تكرار تجارب انقلاب المليشيات المسلحة على نتائج الصندوق، وهذا يفرز مخاوف جدية من انفلات جديد في حال فشل اجراء الانتخابات أو العجز على الزام الاطراف الليبية بقبول نتائجها وتكرار نفس المشهد بعد تعيين فايز السراج رئيسا للوزراء في 2016 والذي كانت مهمة حكومته انجاز انتخابات وبقي لخمس سنوات في منصبه ولم تجر الانتخابات.
وأكبر المخاطر اليوم التي تواجه المنطقة استمرار الفوضى وتمدد خطر الارهاب وتهديد الأمن والاستقرار فيها مما يفتح الابواب امام تزايد التهديدات الإرهابية بشكل مباشر لدول الجوار وللدول الأوروبية شمال المتوسط التي ستكون اضافة لخطر الارهاب ساحات لاستقبال المهاجرين من افريقيا في رحلات الهجرة غير الشرعية التجارة التي تمول عددا من المليشيات في ليبيا.