اغلاقات العام الماضي وحظر التجول الذي شهدته الاردن ومعظم دول العالم لن يعود كما كان سابقاً ، ولهذا اسباب كثيرة أهمها ان البشرية تملك الآن سلاح فعال ضد جائحة الكوفيد 19 وهو اللقاح الى جانب الخبرات الطبية والتنظيمية التي تم اكتسابها خلال العامين الماضيين.
فعلى الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات في أنحاء مختلفة من العالم خلال الاسابيع الماضية ودخول دول كثيرة في موجات جديدة كما هو الحال في الأردن إلا ان هذا الامر لن يدخلنا في حاله ارباك كما كان الوضع سابقاً وذلك لان ما يقارب ثلثي المواطنين في الأردن حصلوا على المطعوم ونسبه الإصابة لدى الأشخاص المطعمين لا تتجاوز 15% كما ان حالاتهم المرضية لا تستدعي الإقامة في اقسام العناية الحثيثة بل ان مضاعفات الاصابات لديهم خفيفة ويمكن السيطرة عليها ، يضاف الى ذلك ان معظم المطعمين من كبار السن والذين لديهم في العادة امراض اخرى تتسبب في تعقيد وضعهم الصحي ولكن المطمئن ان معظمهم قد حصلوا على المطعوم ، اي ان الحالات التي ستستدعي دخول المستشفيات ستغادرها بإذن الله بعد التعافي والشفاء بل وستكون مده الإقامة في المستشفى قليلة وخاصة ان غالبية المصابين أعمارهم صغيرة وليس لديهم امراض مصاحبة وبالتالي سيكون هناك سيطرة جيدة على نسبة اشغال أسرة العناية الحثيثة وهذا يعني انه من المستبعد انهيار النظام الصحي والذي دفع بعض الدول سابقاً للجوء للإغلاقات وفرض حزمة من القيود والإجراءات الصارمة على التجول والسفر.
ومن جانبٍ اخر فإن الأوضاع والتعقيدات والتداعيات الاقتصادية الناتجة عن الاغلاقات تجعل هذا الاجراء مستبعد بصورة أكبر بل اختيار غير ممكن وغير مطروح كونها أدت الى شح الموارد الطبيعية والصناعية والزراعية بسبب تعطل عجلة الانتاج مما انعكس سلبياً على الأسواق فارتفعت أسعار السلع نتيجة لزياده الطلب عليها وعدم توفرها بكميات تتناسب مع حجم العرض والطلب.
رغم التعافي التدريجي الذي حدث خلال الاشهر الأربعة الماضية للاقتصاد إلا ان المعضلة الكبرى تكمن في اسعار موارد الطاقة كالبترول والغاز والتي شهدت ارتفاعا عالياً ، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الغاز 100% وهذا بدوره سيؤدي الى ارتفاع اسعار السلع وازدياد المضاربة في السوق المالي والاسواق الاخرى بشكل عام . وهذا يتطلب منا السعي وتكثيف الجهود للاستمرار في إيجاد وتطوير طرق الحصول على الطاقة البديلة والاستغناء عن البترول والغاز ، كما ان هذا الوضع يتطلب ايجاد طرق جديده لشراء الطاقة فمن الممكن مثلا تشكيل تحالفات دولية لشراء الطاقة بسعر تفضيلي كما حدث عندما قامت الدول الأوروبية بشراء مطعوم الكوفيد 19مشتركة ولكن الدول المصدرة للطاقة ليست شركة فايزر لذا سيكون من الصعب تحقيق هذا الامر.
اما المطلوب من الحكومة فهو مراجعة الأسعار العالمية للمحروقات وتحديد نسبة التغير في اسعارها وعكس ذلك على الأسعار المحلية كون الضريبة المفروضة عليها تبقى ثابتة بغض النظر عن تغيّر السعر عالمياً صعوداً أو هبوطاً ، وإعادة النظر في ملف تسعير المحروقات والمشتقات النفطية كالبترول والغاز والكهرباء وقيمة الضريبة المقطوعة عليها وتخفيضها ومراقبه الاسواق لضبط الاسعار . نحن ندرك جيدا ان الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية تشكل جزءاً ضرورياً من موازنة الدولة وتورد بالكامل لخزينها لتغطية النفقات الحكومية ولكن من الممكن ايجاد معادله منصفه للمواطن والدولة تراعي اسعار الطاقة في ظل تذبذب الاسعارعالميا بسبب الجائحة .