في مدينة أوسلو في القاعة التي تلقى فيها اسحق رابين، وشمعون بيرس وياسر عرفات جائزة نوبل للسلام في 1995، أعلن وزير التنمية الإقليمية في حكومة بينت لبيد «عيسوي فريج» عن استئناف العلاقات السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. في هذه المرحلة يجري الحديث عن محادثات اقتصادية في إطار اللجنة الاقتصادية المشتركة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتي توقف عملها قبل ثماني سنوات. كما أعلن فريج عن أن «إسرائيل مستعدة لأن تبحث مع السلطة الفلسطينية في السبل لتحديث بعض من العناصر في بروتوكول باريس (الاتفاق الاقتصادي الذي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية)».
وأعربت «الرباعية الدولية» في بيان لها، عن قلقها البالغ إزاء التطورات في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، بما في ذلك أعمال العنف المستمرة في الضفة الغربية، والشروع ببناء وحدات استيطانية جديدة، والأزمة المالية التي لا يمكن تحملها داخل السلطة الفلسطينية. ودعت جميع الأطراف لاتخاذ خطوات إضافية لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر، مشددةً على ضرورة تجنب الخطوات الأحادية التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض آفاق السلام. وأشارت «الرباعية الدولية» إلى الحاجة الملحة لمعالجة الوضع الهش في غزة - بدعم من جميع أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك في المنطقة - من خلال ضمان استمرار الجهود الإنسانية لتيسير حركة الأشخاص ووصول البضائع.
وجاء في البيان الختامي للاجتماع «إنه يجب إزالة القيود الهيكلية على التنمية المستدامة للاقتصاد الفلسطيني، وحل القضايا المالية لزيادة إيرادات السلطة الفلسطينية، وبالتالي استقرار اقتصاد السلطة الفلسطينية»، وأوصى الاجتماع بأن يتجنب الطرفان كل الإجراءات الأحادية على الأرض التي يمكن أن تزيد من تفاقم التوترات وتقوض احتمالات استئناف المفاوضات وحل الدولتين، والتركيز على الملفات المالية العالقة مثل الآلية الإلكترونية لضريبة القيمة المضافة E-VAT، ورسوم الجسور، والإعفاء من ضريبة «البلو» على الوقود.
كما أوصى الدول المانحة بزيادة المساعدات للسلطة الفلسطينية ومواصلة الدعم الإنساني والتنموي في جميع أنحاء فلسطين، بما في ذلك برامج النقد مقابل العمل، ودعم حزمة الأمم المتحدة للتدخلات الحاسمة في غزة والتي تهدف إلى الحفاظ على الهدوء، وتمويل آلية إعادة إعمار غزة.
إن مضمون التوصيات التي خرج منها اجتماع الرباعية الدولية لم تختلف عن سابقاتها وأنها تساوي بين الجلاد والضحية دون أن تلمس خطة عملية تقود فعلا لتحقيق رؤيا الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لم تخرج التوصيات عن مفهوم حكومة الاحتلال ورؤيتها للسلام الاقتصادي « الأمن مقابل السلام « ولم يوضح البيان عن أي خطة عملياتة أو عن آلية لكيفية إزالة القيود الهيكلية عن التنمية الاقتصادية وحل القضايا المالية، ولم تتم الاشارة إلى ضرورة تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي لدولة فلسطين.
إن الرباعية الدولية منذ الإعلان عنها ولغاية الآن عجزت عن وضع حد للتوسع الاستيطاني والتهويد المستمر للقدس ووقف الممارسات غير القانونية لسلطات الاحتلال وجميعها تتعارض مع القانون الدولي الإنساني ومعاهدة جنيف ولائحة لاهاي وقرارات الأمم المتحدة.
إن الرباعية الدولية قد استنفدت مهامها وأصبحت عاجزة وبعد طول هذه السنوات عن تحقيق أي تقدم في عملية السلام؛ إذ إن هذه الرباعية لم تستطع إدانة مواقف إسرائيل ولم يكن باستطاعها ثني إسرائيل عن مواقفها الممعنة بهذا التوسع الاستيطاني والاستمرار في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وتهويد القدس؛ الأمر الذي يعني وصول عملية السلام إلى طريق مسدود والى أفق ضبابي فيما لو استمرت عملية المراوغة والقبول بالأمر الواقع الذي تفرضه حكومة الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
السياسة الامريكية ما زالت ممالئة لإسرائيل وما قاله هادي عمرو، نائب مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، المسؤول عن الملف الفلسطيني، الذي عدّد الخطوات التي قامت بها إسرائيل من أجل الفلسطينيين.
نتائج مخرجات مؤتمر بروكسل لم تتمخض عن أي آفاق لمسار سياسي جاد ينهي الاحتلال ويؤدي إلى إقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس. وبات مطلوبا من قيادة الشعب الفلسطيني سرعة إتمام المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني لتوحيد الجهد الفلسطيني لأجل اعتماد الوسائل والخيارات المتاحة من خلال موقف فلسطيني موحد.
إن استمرار المراهنة على الرباعية الدولية مضيعه للوقت، وان المراهنة على الرباعية لسد العجز المالي لا يجدي نفعا أمام ممارسات الاحتلال على الأرض في ظل سياسة التوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي وإعطاء حكومة الاحتلال الوقت والزمن الكافيين للاستمرار في استكمال المخطط التهويدي والاستيطاني، بحيث لا تتمكن السلطة الفلسطينية من تحقيق ما تسعى لتحقيقه بإقامة الدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران.
والسؤال الذي يطرح نفسه إلى متى سيبقى الفلسطينيون يراهنون على الرباعية الدولية للسلام بعد أن تأكد أن هذه الرباعية لا تملك رؤية لتحقيق السلام وان الأداء والخطاب الفلسطيني في اجتماعات الرباعية في بروكسل لم يرق لمستوى التحديات والخطر الذي يتهدد القضية الفلسطينية؟ وهذا ما عبر عنه البيان الختامي.