جاء حفل تنصيب الرئيس المصري المنتخب الجديد السيد (الجنرال سابقا) عبد الفتاح السياسي ليشكل اكتمالا لدائرة التغيير المدروس الذي بدأ في مصر منذ 30 حزيران الماضي واستغرق الأمر أقل من سنة للتحول الدستوري والسياسي من رئاسة الإخوان المسلمين إلى عودة الدولة المصرية العميقة وبتفويض شعبي هذه المرة.
في 30 حزيران الماضي كان عبد الفتاح السيسي قائد الجيش الذي استحوذ على اهتمام وأمل ملايين المصريين في إحداث تغيير يعيد الاستقرار والأمن لمصر بعد سنوات الثورة التي تميزت بالفوضى والصراع السياسي. في 30 حزيران الحالي ستكون أمام السيسي تحديات مختلفة تماما فقد أصبح الآن في موقع المسؤولية، ويعد بقيادة مصر نحو المستقبل ومحاربة الإرهاب ولكن في واقع الأمر فإن التحدي الرئيسي الذي سوف يحدد مستقبله كرئيس مقبول يحظى بالشعبية أو رئيس آخر سيتعرض للنقد وربما المظاهرات الرافضة سيكون تحدي حل مشكلة الطاقة والكهرباء المزمنة في مصر.
مشكلة الكهرباء وعدم توفر الوقود الكافي لتأمين 30 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية تحتاجها مصر يوميا هي أحد أهم الاسباب التي أطاحت بمؤسسات الرئاسة المصرية في السنوات الثلاث الماضية. صحيح أن السيسي قد يحظى بمناعة من النقد لفترة ما مدعوما بمنظومة إعلامية رسمية وخاصة ستؤمن له عدة اشهر بعيدا عن النقد ولكن في حال عانى المصريون من مشاكل الكهرباء في فصل الصيف ولم يحدث تحسن في ظروف الحياة الاقتصادية الأخرى لن يبقى الرئيس الجديد بمعزل عن الانتقادات التي واجهت الرئيسين السابقين.
لن تكون مهمة السيسي سهلة. الدولة المصرية تدفع إعانات لقطاع الطاقة بقيمة 17 بليون دولار أي حوالي 20% من الموازنة العامة كما أن شركات الكهرباء المصرية تعاني من ديون لشركات وقود دولية بقيمة 6 بلايين دولار. كميات الغاز الطبيعي التي تم افتراض وجودها منذ 10 سنوات وبالتالي عمل اتفاقيات تصدير مع الدول الأخرى وبناء مصانع ومؤسسات إنتاجية تعتمد على هذه الكميات ثبت أنه كان مبالغ بها تماما والغاز الطبيعي في مصر لا يكفي لسد احتياجات إنتاج الكهرباء المحلية وليس التصدير ودعم الصناعة. من المتوقع أن تحصل مصر على كميات مناسبة من النفط من دول الخليج التي تؤيد التغيير الذي قاده السيسي وذلك على المدى القصير، ولكن حل أزمة الطاقة والكهرباء لن يكون سهلا أبدا حتى على الرئيس الجديد الذي قد يتمتع أو يعاني من ارتفاع كبير في سقف التوقعات من قبل الشعب المصري.