لأن تركيا وإسرائيل وربما سوريا أيضاً لم تُدعَ لحضور إحتفالات تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً لجمهورية مصر العربية فإن هناك من ظن ،وبعض الظن إثم، أنَّ تقارب مصر والأردن والإمارات والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية يشكل محوراً عربياً يمكن تسميته :»محور الإعتدال» يكون مواجهاً لمحور التشدد الذي كان أُعطي اسم «فسطاط المقاومة والممانعة» والذي لم يمانع ولم يقاوم أبداً وعلى الإطلاق والدليل هو أن إيران التي تعتبر «شيخة» هذا المحور منهمكة في مفاوضات مع الأوروبيين والأميركيين من المتوقع أن تنتهي بتجريدها حتى من ملابسها الداخلية.
الآن ينهمك رجب طيب أردوغان ،الذي تبع الإخوان المسلمين فأوصلوه إلى طريق الخراب والدمار، في تقليع «أشواكه» التي غدت موجعة ومدْميةٌ وهو ليس لديه رغبة التحالف لا مع إيران ولا مع قطر وبالطبع ولا مع سوريا التي بينها وبين تركيا «ما صنع الحداد» والآن أصبحت «عظام معمر القذافي مكاحل» وغدت دول عربية أخرى مشغولة بهمومها الداخلية ولا وقت لديها لـ»التعلُّق بحبال الهواء» والمراهنة على افتراضات لم تكن حقيقية سابقاً وهي لم تعُد موجودة الآن.. إلاَّ إذا كان هناك من يعتبر الجنرال عمر البشير ممانعاً ومقاوماً لأنه تجرأ وألقى بالسيد الصادق المهدي خلف قضبان الزنازين المظلمة التي يسميها السودانيون :»بيوت الأشباح»!!.
لقد كانت مصر قبل هذا التحول التاريخي ،الذي بدأ في الثلاثين من يونيو (حزيران) عام 2013 ووصل إلى هذا «التألق» الواعد، مريضة وغائبة.. ولاحقاً مختطفة خلال عام حكم الإخوان المسلمين الذين ثبت أنهم بعد ثلاثة وثمانين عاماً من تأسيسهم غير مؤهلين للحكم وأنهم يتقنون الهدم ولا يستطيعون البناء وهذا في حقيقة الأمر قد جعل الوضع العربي بدون نقطة إرتكاز وجعل حتى «بغاث الطير» يتطاولون على هذه الأمة وجعل إيران تتحدث عن أن حدودها قد عبرت العراق وعبرت سوريا وباتت تستقر على شواطئ البحر الأبيض المتوسط متكئة على «المستوطنة» المذهبية التي أقامها حسن نصر الله في الجنوب اللبناني وفي ضاحية بيروت الجنوبية.
ما كان بالإمكان أن «تُعربد» إيران كل هذه العربدة لو لم تغب مصر أولاً في نهايات حكم حسني مبارك الذي انتهى بعد حكم طويل إلى الإنشغال بنفسه وبأوجاعه والذي أغرقه بعض المحيطين به بفسادهم وبتجاوزاتهم وتعدياتهم حتى على القيم المصرية النبيلة وثانياً خلال عام حكم الإخوان المسلمين الذين قدموا ولاءهم للتنظيم الدولي على ولائهم لأرض الكنانة والذين لم يتورعوا عن ركوب موجة الإرهاب لحكم هذا البلد العظيم بالحديد والنار الذي بدأوا بتحويله إلى ما يشبه قلعة حسن الصباح التي كان صاحبها هذا يرسل فرق الحشاشين لتعيث في الأرض فساداً ولتغتال بالخناجر المسمومة خيرة القادة العرب والمسلمين.
إن هذا هو الواقع العربي عندما مرضت مصر مع مرض حسني مبارك وعندما أصبحت مختطفة في عهد محمد مرسي وحكم الإخوان المسلمين ولهذا فإنه أمرٌ طبيعي أن يكون كل هذا الإحتضان العربي لها ولـ»صحوتها» العظيمة ولرئيسها الجديد الذي بدا ومنذ اللحظة الأولى كسهْم منطلق من قوس مشدود الوتر والذي في الحقيقة قد استقطب أفئدة الذين أحزنهم أن تصل أرض الكنانة إلى ما كانت وصلت إليه خلال المراحل الأخيرة والذي أعلن بصدق الثائر الحقيقي أنَّ الأمن العربي أصبح خطاً أحمر بعد اليوم.
الآن باتت المعادلة العربية تقف على أقدامها بعدما كانت ولفترة غير قصيرة تقف على رأسها.. والآن ظهر هذا التحالف ،مصر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية وأيضاً المملكة المغربية بالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت، ليس ليقابل محوراً آخر «الممانعة والمقاومة» الذي هو في الحقيقة غير موجود ولم يكن موجوداً في أي يوم من الأيام وإنما ليشكل رافعة لهذه الأمة وهي تمر في هذه المرحلة التي هي أخطر مرحلة تمر بها وليصحح التوازنات المختلة في هذه المنطقة ولينهي ظاهرة حسن الصباح و»قلعة ألْموت» ويقضي على فرق «الحشاشين» الذين باتوا يعيثون في الأرض فساداً وباتوا يقطعون الطُّرق على المسيرة الحضارية لهذه الأمة.. وكل هذا بالإضافة إلى إسناد الشعب الفلسطيني وتمكينه من تحقيق تطلعاته في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يوينو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.