أحد زملائنا تساءل بمناسبة صعود المشير السيسي إلى رئاسة الجمهورية إذا كان العهد الجديد قادراً على وقف التدهور، واستنهاض الهمّة المصرية و(العربيّة) لاطلاق نمر إفريقي على طريقة نمور آسيا، ووصل الدولة الحديثة الرابضة على جنوب القارة، بدولة حديثة في شمال القارة!!.
والسؤال وارد وقد طرحته في مجموعة مقالات «يابانيات» في العقد الأخير من القرن الماضي لدى زيارتي الطويلة نسبياً لليابان، حيث لاحظت أن نهضتها الحديثة تواكبت مع نهضة مصر زمن محمد علي الكبير في الربع الأول من القرن التاسع عشر. وحاولت طرح السؤال: لماذا استمرت نهضة اليابان من عهد اول امبراطور وحد بلده بالقضاء على عهد الاقطاع (الشوغن)، في حين تعثرت نهضة مصر بداية من عهد الخديوي اسماعيل رغم ميزات قناة السويس التي صارت من نعيم لاقتصاد مصر، إلى عبء على استقلالها السياسي، وعلى ورشة بناء الدولة الحديثة، فقد لا يعرف الكثيرون أن صناعة السلاح في مصر كانت قريبة من صناعة دول أوروبية معروفة، وأن نسبة السفن الآلية المصرية كانت أعلى من نسبة مثيلتها في الأسطول البريطاني الذي كان معتمداً على الشراع. وأن مشروعات ريّ عظيمة أقيمت على النيل.. فنحن وقفنا عند السد العالي، ولا نعرف الكثير عن القناطر الخيرية، وعن سد أسوان!!.
وقتها كنت أقول: لقد تنبه اليابانيون منذ البداية إلى خطورة التعامل مع الأوروبيين المستعمرين. فقد سمحوا لسفينة واحدة برتغالية للرسو في احدى موانئهم مرة كل ثلاثة اشهر، ومنعوا مواطنيها من التعامل مع بحارتها.. وكان أكثرهم من الكهنة الكاثوليك!!.
كانت اليابان مغلقة في وجه أوروبا، في حين أن الخديوي كان مبهوراً بها، فبنى دار أوبرا، في بلد كان «التخت» الموسيقي هو أعلى ما وصل إليه.. وبنى عن طريق التمويل الأوروبي كباري وجسوراً لا تختلف عن كباري وجسور باريس، وبنى قصوراً كثيرة، وهو ولد في القلعة، في بيت جده الكبير، وحين قررت دول اوروبا استرداد اموالها.. استعمرت مصر!!.
نتمنى على الرئيس المصري الجديد ان لا يعيد عصر «الانفتاح» الثاني، وان تعود مصر الى اسوار الاستقلال، وان لا تستحي من القليل من التعصب الوطني وحتى الشوفينية فهذه هي التي حمت مهلة تأسيس الدولة في اليابان!!.
لقد رحب الرئيس الجديد بدعم دول الخليج العربي وذلك جيد في وقوفه الحازم من السخف الاميركي والاوروبي، الذي يضع شروطاً تذكّر بشروط المندوب السامي الانكليزي، ولعل احداً لم يعد يتذكر في غمرة الهياج الذي اثاره الشارع المصري، امر الرئيس باراك العلني وفي مؤتمر صحفي لحسني مبارك «لمغادرة الرئاسة» الآن!! ولم يجد الرئيس اوباماً صوتاً واحداً في مصر يقول له: لا، انت لا تملك ان تأمر رئيس مصر، حتى الرئيس الذي لا نريده!! والآن، تحاول الادارة الاميركية ان تضع شروطاً على رئيس انتخبه 23 مليون انسان.. شروطاً ليكون رئيساً مقبولاً من البيت الابيض!!.
موقف دول الخليج العربية، موقف شجاع يقابله موقف ايراني رديء يهدد لمصلحة اميركا في الخليج، ويحاول باتفاق ضمني مع الاميركان اثارة خوف العرب، لدفعهم دفعاً الى قبول اساطيل اميركا وقواعدها الجوية على ارضهم وبحارهم!!.
يجب ان نساعد استقلالية الرئيس الجديد واعتداده بمصر، فكلنا يريد مصر القوية بين العرب الاقوياء!!.