قد تكون سرعة الانتشار هي العامل المشترك بين السلالة الجديد لفيروس كورونا «أوميكرون» وبين التصريحات المتعلقة بالوباء في الأردن، فالمتابع لعدد المختصين والخبراء والمسؤولين الذين يدلون بدلوهم يومياً أن الأردن تحول مركزاً لعلم الوبائيات والفيروسات.
الساحة الأردنية تتفرد بكثرة المتحدثين وبتصريحاتهم المتضاربة، إذ لم يقف الأمر عند حدود التصريحات الرسمية المتقلبة، بل أصبح الأردني أمام قائمة طويلة من الخبراء ولكل منهم وجهة نظره القائمة على رأيه الشخصي لا على أبحاث ودراسات علمية.
واستمراراً لفوضى التصريحات منذ بداية الجائحة نسمع منذ بدء انتشار السلالة الجديدة مَن يقول إن اللقاحات الحالية لن تكون ذات فعالية قوية في منع الإصابات وفي ذات الوقت هناك مَن يخالف هذا الرأي، ومنهم من يقلل من خطورة السلالة والآخر قلق من عدد الإصابات المتوقعة، والخلاف على أشده حول ذروة الموجة ومتى سندخلها، والقائمة تطول حول الاختلافات والتفسيرات المستندة في جُلها إلى توقعات وآراء لا أكثر ولا أقل.
المتابع للعدد الكبير من المتحدثين الذين يحملون لقب خبير وبائيات يعتقد لوهلة أن مراكز البحث حول العالم تستعين بخبرائنا لمكافحة الوباء، وقطعاً لا نتحدث هنا عن بعض الخبراء الذين يستحقون كل الاحترام والتقدير لعلمهم ومكانتهم إلا أن ما نشهده تعدى كثيراً مفهوم الخبير ومتطلبات هذا اللقب.
الشارع الأردني أصبح فريسة لكل مَن يرى في الجائحة فرصة ذهبية للظهور بحثاً عن شعبية أو لمآرب أخرى، إلى الدرجة التي أصبح فيها القارئ والمشاهد غير مهتم من حيث المبدأ بالمضوع برمته، وكما يقول المثل الشعبي ««إذا كثر الطباخين خربت الطبخة».
ندرك أن الموضوع حديث الساعة وأن لا شيء يطغى على صوت الوباء، ولكن أن يصبح الكل يفتي بالمسألة فهذا أقرب إلى «النكتة» منه إلى العلم والمعرفة، وإلا كيف نفسر أن يقول طبيب لعائلة مريض كورونا أن تجربته الطبية مع الوباء أثبتت أن المدخن أقل عُرضة للإصابة بالمرض وأنه أقدر على تحمُل أعراضه مقارنة بغير المدخن!.
الفوضى التي نعيشها على كافة المنصات الإعلامية التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي ستؤدي إلى نتائج عكسية قد تبقينا في قائمة الدول الأكثر تضرراً بالمنطقة، فعندما يُطلق لقب خبير على أحدهم حتماً سيصدقه البعض ويأخذ بتصريحاته باعتبارها الكلام الفصل.
وما يثير الدهشة في الأمر أن الكثير من هؤلاء الخبراء والمختصين لم نسمع منهم يوماً قبل الوباء أي تصريحات أو نشر أبحاث أو مقالات في دوريات متخصصة، إلا أننا اكتشفنا فجأة أن الأردن يزخر بالخبرات والإمكانيات العالمية في هذا المجال، باختصار تم تدمير ثقة الشارع، فلماذا نسعى إلى تدمير ثقته بكل شيء عبر هذا الانفلات اللامسؤول وفوضى الخبراء وأصحاب الاختصاص؟!.