أدمى قلوبنا جميعا كارثة أبناء عورتا ، الذين قضوا شهداء تحت عجلات شاحنة اسمنت في منطقة فصايل باريحا ، وهم في طريقه لتأمين لقمة العيش لافواه صغارهم ، وزوجاتهم وامهاتهم ..الخ . بعد ان اغلق الاحتلال كل السبل ولم يبق لهم الا سبيل الشقاء والعمل من الفجر وحتى الغسق في الباطون ، وهي لعمري أقسى المهن وأشقها .. تقصر العمر وتورث الامراض العضال ..!!
اطلاق «شهداء لقمة العيش» على هؤلاء الشهداء الثمانية لا يكفى.. ولا يحيط بالكارثة التي تضرب الشعب الفلسطيني .. وهي كارثة لا مثيل لها .. فعلاوة على الاحتلال الذي مضى عليه سبعة عقود واكثر ..وهو اشرس .. واقذر احتلال يشهده التاريخ... فهو احتلال استئصالي لا يستهدف الانسان الفلسطيني فحسب،بل يستهدف الارض والتراب والشجر والحجر والماء والسماء والهواء والتاريخ والجغرافيا ، وكل ما يحيط بفلسطين من الجهات الست..!!
وجاءت كارثة «الكورونا» التي تحاصر شعبنا ومنذ عامين كما هو شأن كافة امم الارض ، لتزيد من مأساة هذا الشعب ، ومن معاناة اكثر من 6 ملايين فلسطيني، يتعرضون لارهاب صهيوني منظم ، يستهدف اقتلاعهم من ارضهم ،لا بل استغل هذه الجائحة لايقاع اكبر الخسائر ،بعد ان رفض بداية تسليم المطاعيم للصحة الفلسطينية، وقام بتأخير بعضها حتى فقدت صلاحيتها ..!
وبوضع النقاط على الحروف .. فشعبنا العظيم يعيش الان كارثة التيه .. كارثة الضياع.. لا يعرف أين يتجه؟؟ وما هو مصيره؟؟ وكيف سينتهي الصراع مع أشرس واقذر عدو في ظل انقسام لم تشهد القضية اخطر منه، منذ ان ابتليت بالاحتلال الصهيوني..وفي ظل اذعان عالمي .. واندفاع اميركي احمق لتصفية القضية .
شهداء عقربا ليسوا هم وحدهم من قضوا ركضا وراء لقمة العيش ، بسبب الانهيارالفلسطيني الاخلاقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والقيمي بل معهم ومثلهم شهداء اعالي البحار الذين ماتوا غرقا .. لقد هربوا من الموت برصاص وصواريخ العدو .. هربوا من الجوع والمعاناة التي لا توصف بسبب الحصار .. هربوا من الموت الى الموت .. فجسدوا أعظم مأساة .. أين منها التراجيديا الاغريقية..!!
لقد قام الاحتلال بتجفيف شرايين الحياة في غزة ، واغلاق كافة الابواب امام شباب غزة، فاصبحت الحياة لا تطاق.. مادفع الشباب الى اقتحام البحار، والموت غرقا ..؟؟
ونضيف والامثلة كثيرة ..من المسؤول عن دفع مئات الاف من العمال لفلسطينن الى العمل في المستعمرات التي يجري اقامتها على ارضنا المحتلة ؟
هل هناك ما هو اقسى مهانة وذلا من ان تعمل عند عدوك..عند من طردك من وطنك، وحكم عليك وعلى أبنائك بالشقاء الابدي؟!
ونعود ونسأل اذا كان كل هذا الذل والهوان من سلطة الاحتلال .. فاين هي سلطة «اوسلو» من كل ما يجري.؟ واين هو دورها في تامين لقمة عيش كريمة لابناء شعبها..ولماذا لم تقم بتاسيس صندوق يتولى الانفاق على العمال وخاصة من يضطرون للعمل في المستعمرات ؟؟!!..
باختصار.. كارثة ابناء عقربا هي بمثابة دق جدران الخزان ...دق ناقوس الخطر .. بان ما حدث هو نتيجة الانهيار الاخلاقي والقيمي والسياسي والاقتصادي للسلطة الفلسطينية ، وقبل ذلك وبعده نتيجة للاحتلال الصهيوني.. وان المخرج الوحيد هو اشعال المقاومة الشاملة للخروج من هذا المستنقع الاسن..
الرحمة لشهداء لقمة العيش ..ولكافة الشهداء الابرار..