نجح مركز الحياة- راصد في حشد عدد كبير من الحضور والذوات الفاعلة لدى المشهد السياسي الأردني، من ممثلي الأحزاب والتيارات الإسلامية والقومية واليسارية والوسطية، وكتاب ومهتمين وشباب ومتداخلين، ونواباً وأعياناً في طليعتهم سمير الرفاعي والوزير موسى المعايطة، خلال مؤتمر وطني نظمه المركز يوم الثلاثاء 25/1/2022، تحت عنوان «أثر مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية على الحياة الحزبية».
ليس اللقاء الأول الذي نشهده سياسياً وإعلامياً في الاهتمام بنتائج عمل «اللجنة الملكية» ومخرجاتها، عبر مؤتمرات واجتماعات ولقاءات علنية، وبعضها محدود في بيوت وصالونات خاصة، في عمان ولدى المحافظات، نظراً لاهتمام الأردنيين في تطوير نوعي جديد، قد يكون خلافي، سببّ مثل هذا الاهتمام، أو لرؤيتهم أن مشاعاً يومياً يفرض نفسه على سرعة تشكيل الأحزاب، من قبل فئات لم يكن لديها لا الخبرة ولا التجربة ولا القبول بفكرة الأحزاب، ليس فقط بسبب كره الأحزاب وثقافة الرفض لها، بل لأن الأحزاب لم تكن أداة الوصول لمراكز السياسة من وزراء وأعيان ونواب، بل كانت موضع إعاقة من قبل قوى الشد العكسي، التي انبرت اليوم بتسارع للتقدم للمشاركة في تشكيل الأحزاب كما قال رئيس اللجنة العين الرفاعي، لأنها ستكون وفق التعديلات الدستورية أحد أهم الأدوات المعجلة للوصول إلى سلطة صنع القرار: الحكومة والبرلمان بشقيه.
ما لفت انتباهي وأذهلني، وداهمني الفرح والثقة بالمستقبل ظاهرة وجود صبية في العشرينات من البادية الشمالية، عرّفت على نفسها أنها من حزب يساري، من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وأنها تنوي الترشح لعضوية مجلس بلدية صبحا وصبيحة، فقلت للزميلة رانيا حدادين وهي تجلس بجانبي أثناء المؤتمر «أنها تتفرد بحضورها ونشاطها، وأن شعبنا معطاء، لا يمكن أن يبخل في تقديم ظاهرة مثل أسمى السردية»، ولكن تقدمت صبية أخرى من عشيرة الدعجة وعرّفت على نفسها أنها ناشطة سياسياً وتنتمي لحزب يساري، وثالثة حزبية فاطمة القضاة من عجلون عضواً في مجلس البلدية، ولذلك أدركت وتوصلت إلى نتيجة مفادها انها ظاهرة جماعية وليست فردية.
روان الحياري، عرضت فكرة حزب الميثاق الوطني، قيد التأسيس الذي جمع عددًا غير مسبوق من النواب والأعيان وشخصيات متنوعة، تُمثل كما قالت مكونات واسعة من أبناء المدن والريف والبادية والمخيمات حرصاً من لجنة التنظيم ليكون الحزب منتشراً وممثلاً حقيقياً لإرادة الأردنيين وتنوعاتهم.
مهما بدا أن هذه المؤتمرات إجرائية وإعلانية وإعلامية، ولكنها فاتحة معرفة، وغرفة أمل، وحافز تقييمي في ظل تسارع التطورات الداخلية: دستورياً وقانونياً وسياسياً وحزبياً، نحو مشهد سياسي جديد، ونحن نتقدم خطوات في مستهل المئوية الثانية لبلدنا.
الملاحظة الجوهرية، نجح مركز الحياة- راصد في حشد هذا العدد الكبير من الحضور، ولكنه ظلم المحاضرين المتداخلين إذ لا يعقل أن يكون ستة أشخاص غير مدير الجلسة ليقدموا تصوراتهم عن «التحديات المطروحة أمام التيارات والأحزاب الناشئة والقائمة في الأردن» خلال فترة زمنية قصيرة أقل من ساعتين، ومعهم مداخلات وأسئلة الحضور من المستمعين.
بكل الأحوال قدم المركز وجبة عمل سياسي جديدة بالنتائج التي عُرضت وقُدمت، وهو المطلوب.